الأمن الإعلامي العربي ضرورة تفرضها المتغيرات

?? اسم الكتاب : العمل الإعلامي الأمني العربي ( المشكلات والحلول) ?? اسم المؤلف: د. عبد الرحمن محمد عسيري ??الناشر:أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية (مركز الدراسات والبحوث 2000م) ?? دراسة قيمة عن موضوع هام وهو الأمن الإعلامي، وهو كما يصفه المؤلف علم ناشئ، ولا يزال في طور النمو، بل إن الأبحاث والدراسات المتوفرة فيه محدودة وقليلة العدد. يقول الكاتب لم تكن مشاكل الأمن الإعلامي ذات أهمية في السابق، لعدم وجودها لأسباب عديدة، منها أن وسائل الإعلام كانت قليلة، وكان من الممكن التحكم بها، فالإذاعات يمكن التشويش عليها، والتلفزيون محدود المدى في البث، إضافة إلى محدودية الاستقبال، كما أن الجرائد والإعلام المكتوب كان يمكن منعه من المداخل الرئيسية، ولكن كل هذه الرقابة الإعلامية الصارمة لم يعد لها وجود لأن وسائل الإعلام تغيرت واخترقت هذه الحواجز، وحدث هذا في سنوات قليلة لم تزد على العشرين عاما، حيث لم تعد هناك حدود مرئية ومعروفة لا يمكن تجاوزها، فالإنترنت وقوتها الإعلامية، والقنوات الفضائية، والطباعة عن بعد، والاتصالات المتطورة، كلها ألغت وسائل الرقابة الممكنة في السابق. ولأن الإعلام انتشر وتوسع وأصبح متيسرا للجميع بمن فيهم سيئوا النيات وذلك بتوفر التقنيات الحديثة التي ساعدت على تقارب العالم، ولم تعد هناك عزلة لأي دولة من الدول، وأصبح في الإمكان توجيه الرأي أو تبليغ الرسائل الإعلامية الحسنة والسيئة بأسلوب سهل وميسر. ما هو مفهوم الإعلام الأمني؟ يرى المؤلف أن هذا العلم لا يزال في طور التكوين ولا يوجد اتفاق حول تعريفه، ولكنه يقدم تعريفا لاقى القبول من أكثر الخبراء في هذا الحقل وهو النشر الصادق للحقائق والثوابت الأمنية. والآراء والاتجاهات المتصلة بها بثا لمشاعر الطمأنينة والسكينة في نفوس الجماهير من خلال تبصيرهم بالمعارف الأمنية وترسيخ قناعتهم بأبعاد مسئوليتهم الأمنية ..) ويشير الكاتب إلى ملاحظة هامة وهي أن كلمة الأمن تغلبت على كلمة الإعلام، في هذا المصطلح لذا فإنه أكثر وضوحا وانتشارا في الجهات الأمنية، أكثر مما هو متداول ومعروف عند رجال الإعلام والعاملين فيه. ويقول إن الاهتمام الأكبر كان من قبل رجال الأمن، وفي أدبيات الأمن ولم يلق الاهتمام المماثل في أدبيات وفكر الإعلام. أين تظهر المشاكل في الأمن الإعلامي: 1-عدم وجود حدود فاصلة واضحة للحرية الإعلامية، فالحرية مطلوبة في الإعلام، ولكن إطلاق الحرية التامة يساعد على نشر البلبلة وتخويف الآمنين، ونشر المعلومات المضللة، وتلفيق الأقاويل وإهدار الكرامات والخصوصية الإنسانية. 2-القطرية الإعلامية، بمعنى آخر عدم وجود إعلام عربي موحد، وفي دراسة ظهرت عن المهاجرين العرب، تبين ان الإعلام القطري، زاد في التفكك العربي بين أبناء المهجر، بل كان يثير النعرات في بعض مواضيعه، إضافة إلى البث في اللهجات المحلية، وصعوبة فهم الآخرين لها، جعل الإعلام القطري يزيد في التباعد بين العرب إعلاميا. 3- العولمة واحتكار التقنية الإعلامية وأوعيتها، من دول الغرب خاصة، مما يتيح لهم تشكيل الفكر والرأي حسب مفاهيم معينة، قد تكون مدمرة أو غير صحيحة، وهذا نراه بوضوح في الأخبار وكيفية صيغتها في القضية الفلسطينية، فالأخبار في الصحف والتلفزيون الغربي يرى أن المقاومة الفلسطينية هي عمليات إرهابية، ويرى أن تدمير القرى العربية هو رد فعل مبرر بسبب المقاومة التي تقتل الأطفال الإسرائيليين. وهنا تكمن أهمية الأمن الإعلامي حيث التضليل، والرؤية الضيقة للحدث، مما يخفي الكثير من الحقائق. 4-قصور الإمكانيات البشرية والتقنية والفنية للإعلام الأمني العربي، وضعف التوجيه فيه بل وسوء الاستخدام، فسيكولوجية الإعلام تحتاج إلى مراجعة هامة، فإن النصائح والإرشادات تنصب بقالب الأوامر والتعليمات لا تفعل هذا، ممنوع عمل هذا..) مما يعطي النتائج العكسية المطلوب تحقيقها لدى المتلقي. ويضرب الكاتب مثلا على بدائية الإعلام العربي وقصوره العلمي، عن ملاحظته على الصور الإعلامية المنتشرة لمحاربة المخدرات بصورة الذراع الممدودة والإبرة المغروزة بها، وهذه الصورة تعمل ( بدون قصد) ضد هدفها، فهي تذكر المدمن بالنشوة المصاحبة لهذه الإبر، مما يعيد له حالة الوحم المصاحب للحقنة عند رؤيتها في الصور، فيحن إليها ويتمناها.) 5-وهناك أسباب أخرى منها الأمية المنتشرة، في الأقطار العربية، وضعف الإمكانيات المالية وقلة الخبراء لصنع قاعدة إعلام مميز، ينطلق من أهداف واضحة. الحلول : إن الحلول تخرج من رحم المشاكل الموجودة لذا فإن الكاتب يقدم 15 فكرة لحل المشاكل، ويرى مثلا، أنه يجب تعريف المواطن العربي بأهمية الأمن الإعلامي ببرامج يعدها أخصائيون في الحقول المختلفة للإعلام. كما يقترح وضع قاعدة بيانات معلوماتية خالية من الدعايات القطرية، يرجع إليها الإعلاميون العرب في كتاباتهم عن الأمن بكل صوره. كما يطالب بالتوفيق بين الحرية الإعلامية والرقابة بحيث يكون الصدق هو محور الإعلام وأن يكون التقارب أكثر من التنافر بينهما. كتاب فيه الكثير من المعلومات الهامة، والدراسات الهامة، فقد بني الكاتب الكثير من أفكاره نتيجة إجابات استبيان، تم توزيعه على ذوي الاختصاص، وخرج لنا الكاتب بالرؤية العلمية والفكرية المبنية على استخلاصاته من تلك الاستبيانات، والتي تعني وتهم كثيرا المختصين والدارسين لموضوعات الأمن والإعلام.