الحرب توفر الطعام للذباب..وتدرب الفتيات على الانتظار!!

??اسم الكتاب: الحرب تعمل بجد ( شعر) ??اسم الشاعرة: دينا ميخائيل ??الناشر: المدى للطباعة والنشر طبعة أولى 2001م ?? أيتها الحرب العزيزة.. لقد عملت بجد!! ولم تجدي من يشكرك على عملك .. ماذا لو أعطيت الفرصة لغيرك .. للحب مثلا لنرى ماذا يصنع هو الآخر.. قصائد هذا الديوان تكتبه شاعرة فجعت بالحرب وأهوالها فتحركت مشاعرها وأحاسيسها، وتفجرت ذاكرتها، فطفقت تبحث عن ماهية الحرب كما يعيشها الناس، الجندي، الأم الثكلى، الأرملة، والطفل اليتيم. إن وجع المعارك استنطق الشعر من أنثى تحلم بالسلام وجعله ينساب بعفوية مرتعشة، وبألوان حزينة تتشح بمعاني إنسانية تتعارض وتتناقض مع ألوان الحرب الصاخبة السوداء..هي شاعرة الحرب التي تعتقد بأن لدى الحرب قدرة عجيبة على التوالد والتكاثر الشيطاني .. فكلما انتهت حرب، تبعتها أخرى، وكل حرب تزرع بذور المعركة القادمة، في قصيدة بين حربين تقول: هذا كل ما تبقى حفنة أوراق محترقة صور هنا وهناك نتوءات على ظهورهم والخرائط أحدنا مات .. آخر يستمتع بالحياة .. عوضا عنه هناك من عاد .. مسحورا إلى طير صغير يعرف الأنباء بلغة أخرى أحدنا جن تماما وظل يتحدث هراء ساعات تحت الشمس أحدنا هرب من البق والضباط لا تعرف إلى أين؟ باعة على الرصيف ... يلفون الفلافل ترى السيجارة أم اللف أهم من أعاجيب الدنيا السبع سافر كل أقربائها إلى الخارج ابن الجيران ذاك.. عاد مرة وعلى كتفه نجمة تنكية.. كان يتحدث كثيرا .. عن تلك النجمة حتى تحول إلى نكتة في نصب الشهيد.. هذا كل ما تبقى حفنة كلمات لا معنى لها منقوشة على الجدران نقرأ ساهمين حتى أننا في تلك الوقفة القصيرة بين حربين نسينا بأننا كبرنا.. ?? دينا شاعرة عراقية، تصور الحالة العامة للحرب، بصور تلتقطها من هنا وهناك، بنظرة مفجعة، باكية لتخطها بلغة شعرية بسيطة، فتغدو كل جملة منها لوحة من لوحات الحرب والدمار، والقصيدة التالية وهي بعنوان الحرب تعمل بجد منها أخذ الديوان الشعري عنوانه، هي قصيدة من نوع آخر في الفكرة واللغة والتصوير، إنها تقدم قبح الحرب وعفونتها بجمال الشعر وجودته، قصيدة من الكوميديا السوداء عن الحرب وفوائدها، قد يستغرب القارئ وجود فائدة واحدة تقدمها الحرب، ولكن هذه الشاعرة تقدم أكثر من ثلاثين فائدة، ويمكن لها أن تستمر وتقدم فوائد أكثر، ولكنها تكتفي بما قدمته، لتدهش فكر القارئ بفلسفة الحرب العبثية. كم هي مجدة الحرب ونشطة وبارعة منذ الصباح الباكر تبعث سيارات إسعاف إلى مختلف الأمكنة تؤرجح جثثنا في الهواء تزحلق نقالات الجرحى تستدعي مطرا من عيون الأمهات تحفر في التراب تخرج أشياء كثيرة من تحت الأنقاض أشياء جامدة براقة وأخرى باهتة ما تزال تنبض تأتي بالمزيد من الأسئلة إلى أذهان الأطفال تزرع الألغام في الحقول تحصد ثقوبا وفقاعات تدفع عوائل إلى الهجرة الحرب تواصل عملها صباحا مساء تلهم طغاة لإلقاء خطب طويلة تمنح الجنرالات أوسمة والشعراء موضوعا للكتابة تساهم في صناعة الأطراف الصناعية توفر طعاما للذباب تضيف صفحات إلى كتاب التاريخ تحقق المساواة بين القاتل والقتيل تعلم العشاق كتابة الرسائل تدرب الفتيات على الانتظار تملأ الجرائد بالمواضيع والصور تشيد دورا جديدا لليتامى تنشط صانعي التوابيت تربت على أكتاف حفاري القبور ترسم ابتسامة على وجه القائد إنها تعمل بجد لا مثيل له ومع هذا لا أحد يمتدحها بكلمة .. ???