قبائل لبنان الحديث كما يراها أحد الزعامات الإسلامية!!

??اسم الكتاب: أمراء وقبائل ( خفايا وحقائق لبنانية) ??اسم المؤلف : السيد محمد حسين فضل الله الناشر : دار الريس للنشر والكتب في لبنان 2001م ?? لبنان دولة موزعة بين طوائف عديدة في الديانة، والفكر، والتاريخ، وهي فوق هذه الفروقات والتشرذم تحتل مساحة صغيرة، ويحيط بها جار عدو ومتسلط وهي دولة إسرائيل. إن عوامل التفكك والانهيار أقوى من عمليات التماسك والتعاضد، ومع ذلك نجد أن هذه الدولة بكيانها الصغير وشعبها القليل العدد، الضعيف في الاقتصاد، لا تزال متماسكة، ومترابطة، إنه وضع فريد في التاريخ. هذا الوضع يتحدث عنه أحد الزعماء اللبنانيين الذين ينتمون إلى الطائفة المسلمة في لبنان الذي ينقسم دينيا إلى فئتين كبيرتين: الفئة المسيحية الحاكمة وهم طوائف متعددة ويشاركهم في الحكم غالبية مسلمة، وهؤلاء المسلمون أيضا فئتان كبيرتان لهما خلافاتهما التاريخية. يقدم لنا هذا الشيخ الكبير النظرة السياسية للوضع عامة في لبنان، ويقول ليس هناك شيء اسمه لبنان عند اللبنانيين هناك طوائفية لا دين لها، إن اللبنانيين ليسوا متدينين سواء أكانوا مسلمين أو مسيحيين، بل هم طائفيون، والطائفية حالة جاهلية عشائرية تؤكد على الجماعة ولا تؤكد على المبدأ والخط والقيمة، ومن هنا ينشأ التعصب. ما هو نظام الحكم المناسب للبنان؟ يرى السيد محمد حسين فضل الله أن هناك شرين في لبنان يجب التعامل معهما أولا قبل التفكير بالطروحات الإسلامية، والشر الأول هو الطائفية التي شتت لبنان وشعبه، فهناك طائفة الشيعة وطائفة السنة، وطائفة الدروز وطائفة الموارنة، وطائفة الروم الأرثوذكس، وطائفة الأرمن، وغيرها من الطوائف التي نجد من يمثلها سياسيا في البرلمان، ومن يطالب بتمثيلها في الحكومة أيضا. وهذه الطوائف المتعددة ليست متناسقة أو متوحدة بل إنها متحاربة، و أحيانا تستعين طائفة بطائفة أخرى على ثالثة لتشتد العداوة والتباعد، وأغلقت الطائفية الساحة اللبنانية على الأفكار العامة وجعلتها مربعات صغيرة في رقعة خريطة لبنان، كل منها بنى جدارا عاليا حول نفسه وجماعته. أما الشر الثاني فهو التواجد الإسرائيلي في لبنان، وقد أزيل هذا السرطان، ولكن مخلفاته لم تنته بعد، ولبنان يحتاج إلى فترة نقاهة طويلة، لأن إسرائيل لا تزال تهدد أمنه، ولا تزال تسيطر على الفكر السياسي في المنطقة، وتجاهلها أو تناسيها أمر لا يمكن حدوثه، فهي الشغل الشاغل للمنطقة بأسرها. ويقول إننا نفكر كمسلمين ونعتبر أنفسنا لبنانيين بالمعنى الجغرافي وإسلاميين ندعو إلى تكامل لبنان مع العالم الإسلامي، كما يدعو القوميون العرب إلى لبنان عربي يمكن أن ينفتح على الساحة العربية، ونحن لا نختلف في هذا المجال مع أي تيار ولا عن أي تيار لا ينغلق عند حدود لبنان. وأما نظام الحكم ونوعيته، فله رأي يتمشى مع الوضع السياسي والتركيبة السكانية المنوعة في لبنان، ويقدم وجهة نظره الإسلامية للوضع في لبنان، وفي هذا الكتاب الكبير الذي تجاوز عدد صفحاته 500 صفحة، يقول إن دولة إسلامية في لبنان شيء مستحيل فبرأي لا الظروف المحلية ولا الإقليمية تسمح بخلق مثل هذه الدولة فيه، إن الدولة التي يجب أن نعمل لها ليست الدولة الإسلامية كما أنها ليست الدولة المسيحية، وإنما دولة الإنسان. يقول إن هذا الكلام لا يعني التنازل عن المبادئ الإسلامية، أو تحويرها بل إنه لا يؤمن بالعلمانية بل يحاربها ويستنكرها كقاعدة لتأسيس دولة ويقول في دولة إسلامية فصل الدين عن الدولة كلام بلا معنى، في لبنان، العلمنة لا تتزاوج وعقلية المواطن. ويعارض فكرة التقسيم الجغرافي للطوائف، ويقول إن هذا يزيد في محنة لبنان وفي تشتت شعبه، لا يمكن أن ننقل المسلمين إلى مناطق ليعيشوا معا، ولا يمكن أن نطلب من المسيحيين أن يرحلوا إلى مناطق تكون خاصة بهم، إنها فكرة لن تحل مشكلة الطائفية بل تزيدها رسوخا وبقاء. يقول إن اللبنانيين مسلمين ومسيحيين يكافحون من أجل معيشتهم، فالأزمة الاقتصادية تواجههم بمعزل عن طوائفهم وانتماءاتهم الطائفية، فالمحنة الاقتصادية والفقر يجمع شعب لبنان، ويمكن أن يوحده الأمل في القضاء على هذه المحن، التي تواجهه في لقمة العيش، فالعمل معا ونسيان الطائفية سيوحد بين اللبنانيين. إن المشكلة هي في الطائفية الحاكمة، فهو يقول إنه عاش في لبنان وفي مجتمع مختلط من كل الأديان، ولم يجد هناك ما يسمى بالتنافر بين الطلبة المسلمين والمسيحيين، ولم يجد الاحتكاكات بين العمال المسيحيين والمسلمين، ولكن المشكلة هي في الفئة الممثلة لهم في الحكم، إنها قضية ستتغير عندما تتغير الوجوه التقليدية التي تتحكم بالوضع السياسي منذ سنوات. ويرى أن التجربة الإسلامية في لبنان بمعناها السياسي تجربة تتقدم على أي تجربة موجودة في العالم العربي أو الإسلامي لأنها تجربة منفتحة. وعلى الرغم من أن الفهم الصحيح للوضع اللبناني غير متوفر بشكل واضح، وكل يرى لبنان من وجهة نظر مخالفة، إلا أن هذا الكتاب يشرح الطائفية في لبنان، ويساعد على فهمها، ويقدم وجهة نظر أحد الزعامات الإسلامية، ورؤيته في الوضع اللبناني، وهي رؤية عصرية تستحق القراءة والحوار حولها. ???