حتمية روح الفريق

إذا كان وجود الجماعة قديما قدم أول أسرة إنسانية في الوجود، فإن الدراسة العلمية لديناميكية عمل المجموعات الإنسانية لم تظهر إلا مؤخرا، حيث بدأ الإنسان يفرض نفسه في شتى ميادين الحياة مع ارتباطه بأي عملية تغيير أو تطوير سواء في المجال السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي، الأمر الذي دفع بالقائمين على المؤسسات والشركات الطامحة للنجاح وللعب دور هام وحيوي في المستقبل إلى صياغة مفاهيم وأفكار جديدة لهذه الشركات، مفاهيم تقوم على الشراكة بمعناها الواسع الذي يشمل مشاركة الشركة مع العاملين والعملاء، أي على المستويين الداخلي والخارجي من خلال تحسين علاقاتها وإيجاد قيم مشتركة بينها وبين هذه الأطراف. كما أيقنت معظم هذه الشركات بأن تحولها إلى كيان عضوي متفاعل مرتبط بشكل وثيق بتحولها من نظام الآلة والاهتمام بها إلى نظام إنساني يرتكز على المشاركة والتفاهم والعمل بروح الفريق الواحد. ومشاركة العاملين هذه تستدعي إيجاد ثقافة خاصة مبنية على القيم المشتركة التي ستؤدي إلى هدف أو أهداف مشتركة وهي القدرة على التكيف مع الأوضاع والتحديات التي تفرضها المفاهيم الجديدة للقرن الحادي والعشرين، قرن العولمة وهذا بدوره يتطلب إعطاء العاملين الحرية الكاملة لإبراز قدراتهم وأفكارهم ضمن مناخ ملائم يساعدهم على المنافسة وتحقيق أهدافهم الخاصة، وبالتالي الأهداف العامة للشركة، حيث إن وضع العامل في المقام الأول ومعاملته بشكل أفضل سيعكس إيجابية هذه المعاملة على العميل متلقي الخدمة، خصوصا أن المنظمات الناجحة تعتمد بشكل أساس على المشاركة الكاملة بينها وبين أجزائها الداخلية والخارجية، والتركيز على الجوانب الإنسانية للتكنولوجيا وبناء فرق العمل القوية التي تعد الأساس لحل المشاكل ووضع الأهداف وتحسين مستوى جودة الخدمة، وبناء فرق العمل يحتاج إلى الدعم المستمر والاستقلالية الكاملة في اتخاذ القرارات، وتنمية هذه الروح الجماعية في كل مناحي العمل. فالشركة الناجحة هي الشركة التي تعيش في التحام دائم مع المجتمع.. المجتمع الداخلي (الموظفين) والخارجي (الجمهور)، وأن تستجيب لقضاياه كونها مشروعا إنسانيا إلى جانب كونها مشروعا اقتصاديا، مما يوكل إليها مسؤولية اجتماعية كاملة. ومن هذا المنطلق فإن العمل الجماعي ضمن فرق مبدعة هو ضرورة حتمية لا مناص منها والشركة الجديدة أي التي تطمح للاستمرار يجب أن تؤمن بأن التعاون هو أساس التنافس الفعال، وأن التعاون والتقدير هو جوهر روح الفريق الذي سيضمن لها استمرارية أكيدة في عصر أصبحت تغيراته وتقلباته تقاس بأجزاء من الزمن.