ماذا تفعل عندما تتعرض لموقف محرج؟!

الخجل أو الشعور بالحرج تعبير إنساني عاطفي قوي، قد يتعرض له أي منا في أي وقت. ورغم أننا لم نسمع حتى الآن أن الشعور بالحرج يتسبب في تعرض أي إنسان للموت؛ إلا أن الكثير من الذين يتعرضون لمواقف محرجة أو مخجلة قد يتمنون الموت في تلك اللحظة لشدة ما يشعرون به من خجل نتيجة لتصرف خاطئ أقدموا على فعله. الحرج: إحساس كل الناس! إننا نواجه كل يوم مواقف مخجلة ومحرجة بحيث نبدو مجانين أحيانا وبلهاء أحيانا أخرى وكثيرا ما تخوننا اللباقة في التصرف. والمهم في جميع الحالات أن الحرج قد يجعلك تتسمر في مكانك مذهولا غير قادر على لملمة أفكارك واستعادة رباطة جأشك. ومن أكثر الآثار الضارة للشعور بالإحراج، فقدان الإنسان الثقة بالنفس وإلحاق الضرر بالمستقبل المهني وبعلاقاته الشخصية وبعمله التجاري وحتى بحياته برمتها. إن مجرد الخوف من الإحراج له آثار قوية على شخصية الإنسان. ويقول خبراء السلوك الإنساني الذين يقومون بدراسة مواقف الخجل والشعور بالحرج إن هناك أربعة شروط لابد من توافرها قبل أن ينتابنا الخجل ويحمر الوجه وهي: أولا: لابد من وجود فشل يعود سببه ومسؤوليته إليك. والثاني: أن يحدث الفشل فجأة دون وجود وقت كاف لتلافيه أو التخفيف من وطأته. كما يجب أن يتخذ هذا الفشل الطابع الافتضاحي وأن يشيع خبره بين الناس. تقول البروفيسورة دومينارنشو أستاذة علم النفس في جامعة لويولا في شيكاغو إن الوجه يحمر خجلا لأن صدمة الفشل تدفع بالدم بثبات إلى الرأس لمساعدة الشخص على إيجاد مخرج للورطة التي وقع فيها. أما الشرط الأخير لاحمرار الوجنتين خجلا فهو القدرة على تقييم آراء الآخرين الذين شهدوا المأزق الذي وقعت فيه. ويقول د. غروس يجب الحذر من الشخص الذي لا يؤثر فيه الخجل والإحراج. فهذا الصنف النادر قد يرى نفسه ذكيا ومتغطرسا ولا تهمه أفكار وآراء الآخرين. ولكن رغم الشعور المرير الذي يصاب به الشخص في المواقف المحرجة إلا أن هذه المشاعر والمواقف المحرجة قد لا تكون سيئة كما قد يتبادر للذهن. نتائج مفاجئة قام أستاذ علم الاجتماع د. أندري موديغل آني من جامعة ميتشغان في آن آربور بتجربة في إحدى المرات تتعلق بموضوع الإحراج والخجل. فلقد وضع هرما كبيرا من ورق التواليت بحيث يتعثر به معظم المارة ويوقعونه، وبعد أن حصل ذلك قام الباحثون المشاركون بالتجربة بإجراء مقابلات مع الأشخاص الذين أوقعوا الهرم وتسبب لهم ذلك بالحرج، كما أجروا مقابلات مماثلة مع الذين شهدوا تلك الحادثة. فأجاب الذين أوقعوا الهرم أنهم اعتقدوا أن رأي الذين شاهدوهم سيصفونهم أنهم حمقى أو خرقاء. وبالمقابل كان جواب الذين شاهدوهم بأن رأيهم بما حدث كان عاديا، وأن مثل هذه الحوادث قد تواجه أيا منا يوميا. لذلك يقول البروفيسور موديغل آني إن أحد المفاتيح المهمة لتجنب الشعور بالحرج هو أن تدرك أن الذين شهدوا الواقعة لا يرون ما حدث بعين السخرية. فالسخرية موجودة في رأس الشخص المتورط فقط، وأن الشهود وفقا لأغلب الدراسات يكونون متعاطفين مع الذين يقعون بالحرج. كما قام د. موديغل آني بدراسة أخرى على درجات الشعور بالحرج بين الأشخاص، فوجد أن الأشخاص الذين لديهم قدرة أكبر على تخيل مشاعر الناس تجاه موقف الحرج الذي واجهوه هم الأكثر عرضة والأسرع استجابة للخجل. كما أن الذين يتخيلون نظرة ازدراء من قبل المشاهدين هم ضحايا أقسى درجات الإحساس بالخجل. ويقول البروفيسور موديغل آني إن افتقاد الشخص لهذين الجانبين أو أحدهما يجعله أقل عرضه وأكثر صمودا في المواقف المخجلة. ومن المؤكد أن نسبة 99.9? من الإحساس بالخجل والشعور بالحرج ليست إلا في دماغ وعقل الشخص الذي وقع في المأزق. ومثال على ذلك كان أحد مشاهير الغناء في حفلة موسيقية وهو المغني ريتشارد هاريس. وفيما كان غارقا في أغنياته واحدة تلو الأخرى والتي غناها مرتين على الأقل على مدار شهر كامل لم يستطع تذكر كلمات إحدى أغنياته فوقف محرجا تائها شارد الذهن على خشبة المسرح وقال للجمهور إنه نسي كلمات الأغنية. فما كان من الجمهور إلا أن بدأ بترديد الكلمات بكل حماس بدلا عنه وبدأت الأوركسترا بالعزف من جديد. هذا هو موقف المشاهدين في غالب الأحيان من الذين يقعون في ورطات ومآزق محرجة. كما أن الذين يقعون في مآزق محرجة ويستطيعون تداركها فورا بسلاسة المعترف بخطئه والقادر على إصلاح حاله هم غالبا ما يكونون مثار إعجاب للذين يشاهدونهم كما يرى د. غروس. فتداركهم لخطئهم يجعلهم في نظر الآخرين أكثر إنسانية وستكون الحادثة في نظرهم ليست أكثر من زلة بسيطة.وفي نهاية المطاف يمكن التغلب على هذه المشاعر المخجلة بهزة كتف واعتذار مع الإدراك بأن ذلك ربما يحدث كل يوم.