مفتاح النجاح في الحياة والعمل: التعامل الحسن مع الآخرين

يقول المثل العربي (شر الناس من لا يبالي أن يراه الناس) ومن لايعبأ لتصرفاته وسلوكه مع الآخرين سيلاقي النفور والصد منهم، فلذلك فإن مفتاح النجاح في عملك وحياتك يعتمد على حسن المعاملة، ودماثة الفعل، وثمة خطوات وإرشادات وضعها باحثون غربيون متخصصون في علم الاجتماع وعلم النفس السلوكي تساعدك على تحقيق ذلك نوجزها فيما يلي: أولا: كن حاسما: فالسلوك الحاسم هو أفضل ما يمكن اتباعه لتحقيق النجاح على المدى البعيد لأن صاحبه دائما يسعى للحصول على نتائج تحقق مصلحة جميع الأطراف وصاحب السلوك الحاسم عليه أن يتمتع بصفات ومزايا معينة أهمها: أ - أن يستخدم عبارات واضحة وموجزة، وعليك القدرة على التمييز بين الحقائق ووجهات النظر. ب - القدرة على استخدام صوت حازم، واستخدام النقد للتوجيه وليس للتقريع. ج - الاستفسار عن آراء الآخرين وأفكارهم واحتياجاتهم، والبحث عن حلول للقضايا الشائكة. د - التركيز على الكلمات الهامة. هـ- الابتسامة بملامح ثابتة عند الشعور بالرضا واستخدام الأيدي وهي مفتوحة عند الكلام والمناقشة. ولكن الحسم، لا يعني أن تكون عدوانيا، فإذا كنت عدوانيا في بعض تعاملاتك وأردت أن تتخلص من ذلك فيمكنك أن تطلب آراء الآخرين وتتفاوض معهم في صنع القرار، وأن تستمع إليه دون مقاطعة، وتهتم بمطالبهم وتسمح لهم بإمساك زمام القيادة دون مقاطعة منك. وتذكر أنك حين تكون حاسما في تعاملك مع الآخرين ستجعلهم يشعرون بالرضا عن أنفسهم. ثانيا: أنصت باهتمام فالإنصات للآخرين باهتمام يعني التركيز فيما وراء الكلمات المسموعة لمعرفة المغزى الحقيقي من الحديث، وتذكر أن لكل واحد منا فم واحد وأذنان، فاستخدم كل شيء بما يتناسب مع حجمه، وتذكر أيضا أن إنصاتك باهتمام للمتحدث يؤكد له أنك تهتم بآرائه وأفكاره ومشاعره، ويؤكد له أن عملية الاتصال بينكما لا تتم من جانب واحد بل من الجانبين، ومن أجل إصغاء جيد عليك أن : أ - أن تتخلص من الأصوات المتداخلة في عقلك حيث عليك أن تضع مشاغلك جميعها جانبا، وتستمع للمتحدث ولا تقاطعه ولا تكمل عباراته نيابة عنه، كما لا تنس أن تتنفس بهدوء وعمق. ب - تحكم في المكان، فتخلص من الضوضاء، وامنع دخول المقاطعين واقترب من محدثك بقدر معقول، ولا تنتهك حيزه الزماني. ج - اصغ بود واهتمام لكل ما يقال، فركز على كلام المتحدث وتحكم في أي أفكار أو ردود فعل فجائية، وأعط المتحدث انتباهك التام والمحايد. د - استخدم بعض العبارات الإيجابية مثل (أجل، أجل) (يعجبني ذلك)، (هذه فكرة حسنة)، إنه أمر مثير للاهتمام. هـ-استخدم مؤشرات إيجابية غير لفظية مثل الإيماء برأسك، ابتسامة، استخدم عينيك في الحوار، وعبر عن اهتمامك من خلال قسمات الوجه. هـ- في نهاية الحديث أعد صياغة ما قد فهمته، أو استوعبته من الحديث، وتجنب أي سلوك يعطل مجرى الحديث. ثالثا- أطرح تساؤلاتك: والهدف من طرح أي سؤال هو استخلاص معلومة أو حقيقة ما من الآخرين، وهناك عدة أنماط للسؤال اختر منها ما يناسب الموقف: أ - أسئلة ذات نهاية مفتوحة، وهذا النمط من الأسئلة يعمل على إثارة الرغبة في الاستكشاف والتفكير لدي الفرد، ويعيد هذا النوع من الأسئلة في مساعدة الطرف الآخر على الاسترسال في إجابته عن موضوع ما، أو تذكر موقف معين، أو الأشخاص المرتبطين به. ب - أسئلة المتابعة والاستقصاء، والهدف منها هو الحصول على معلومات كافية، وتوسيع قاعدة اتخاذ القرار، وفهم المبررات والدوافع، ولكن يفضل عدم الإكثار من استخدام صيغة (لماذا) في هذا النوع من الأسئلة، لأنها قد تدفع بالآخرين إلى تبني موقف دفاعي دائما ضدك، وهناك نوع من هذه الأسئلة يسمى بالسؤال التأملي، ويمكن استخدام هذا النوع عند الرغبة في استيضاح موضوع ما، أما بهدف الحصول على معلومات إضافية عنه، أو لمعرفة ما يشعر به الأشخاص المرتبطون به. ج - أسئلة ذات نهاية مغلقة وهي ذلك النمط الذي تتم الإجابة عنه باستخدام(نعم) أو(لا) ويفيد هذا النوع في سرعة الحصول على المعلومات، لكنه قد يقصر الحوار على طرف واحد. د - أسئلة ذات فائدة أقل وهي تقل بمنفعتها عن تلك الأنماط آنفة الذكر، وحاول ألا تكثر استخدامها فعلى مثل أسئلة تعبر عن افتراضات شخصية (أعتقد أنك..؟) أسئلة فرضية (لو كنت مكاني هل) وأسئلة مركبة. وفي النهاية تذكر قول الشاعر كليبلينج لدي ستة أصدقاء وهم حقا من علموني كل ما أتقن. أسماؤهم هي: ماذا، متى، كيف، لماذا، أين، ومن. رابعا: احرص على تحقيق مصلحةالجميع فحرصك على تحقيق مصلحة الجميع هو الحل المثالي على أية خلافات أو صراعات فردية، ولكن تحقيق مصلحة جميع الأطراف لا يعني تقديم تنازلات شخصية أو طرح حلول وسط، أو المفاضلة بين خيارات عديدة، ولكنه يهدف إلى قبول الجميع لما يمكن أن يسفر عنه الخلاف أو الصراع محل البحث. وتذكر أن معرفتك لكيفية التعامل مع الخلافات تمثل مهارة أساسية يتطلبها بناؤك لعلاقات تدوم طويلا، وهذه الأداة ستساعدك على التعرف على أفضل الوسائل التي يمكنك من خلالها التعامل مع الخلافات، والعثور على الأفكار المناسبة التي يمكنك أن توظفها لتحسين أنماطك السلوكية كي تتعامل مع المواقف المختلفة، وبالتالي ستزيد من فرص تحقيقك لمصلحة الجميع. خامسا:قدم استشارة إيجابية: يضطر كثير من العاملين بالمؤسسات إلى اجراء بعض التغييرات في مؤسساتهم، رغم أنه قد لا توجد لديهم سلطة على الموارد المتاحة أمامهم للقيام بتلك التغيرات، وقد يكون هؤلاء الأشخاص خبراء في المالية أو القانون أو الأنظمة، ولكنهم في جميع الأحوال يسارعون إلى تقديم استشاراتهم وحتى وإن عملوا من خلال نظام عقيم، ومن أجل أن تكون مستشارا ناجحا عليك اتباع الخطوات التالية: أ - الاتصال ويعني أن تتصل بعميل تتوقع أن يتعامل مع الشركة قريبا وترتب لعقد لقاء معه. ب - الموافقة، وتعني الحصول على أرضية مشتركة من الثقة بينك وبين العميل تؤهل لبدء التعاون بينكما، وهذا الأمر يتضمن مشاركة كل منكما للآخر في تجاربه، ووجهات نظره حتى يتسنى لكما بناء مستوى من الاطمئنان والألفة. ج - التعاقد، وتعني أن توافقا على الخطوات المطلوب تنفيذها وحدود كل منكما، كما تعني الاتفاق على الموارد المتاحة للتنفيذ والجدول الزمني المعد لذلك، وكل ما يتعين عليك فعله كي تحقق غاية العميل المنشودة. د - اختيار الأسلوب، وتعني إما أن تتمتع ببساطة أسلوب العميل وتوجهاته، أو أن تعمل أنت والعميل كفريق مشترك لحل المشكلة القائمة. هـ- جمع المعلومات وتحديد المشكلة، وتعني استخدامك لعدد من الأدوات والوسائل بغرض جمع معلومات عن مشكلة العميل، ثم تحليلها كي تحصل في النهاية النقاط الرئيسية الجوهرية المتعلقة بها. و - الإجماع ثم التنفيذ، وتعني حصولك على موافقة العميل لتنفيذ ما ترى أنه واجب التنفيذ، وبعد الموافقة يتعين عليك وضع الخطط والتنسيق بين الأطراف المختلفة واتخاذ الخطوات الملائمة للحصول على النتيجة النهائية. ز - المراجعة ثم الانفصال، وتعني تقييمك للنتائج والنقاط المستفاد منها، كما تعني أيضا التخلص من النهايات أو تحديث السجلات المتعلقة بهذه المهمة أولا حتى لا يترك انفصالك عن الموضوع أي نقاط غير محسوبة. سابعا: طبق الأسلوب المناسب نموذج إدارة المواقف الذي أعده كل من هيرسي وبلانشارد هو واحد من أكثر النماذج شيوعا وقبولا لدى الكثيرين لتوصيف وتحسين السلوك الإداري لدى الأفراد، وهذا النموذج يعتمد على الخطوات التالية: أ - التوجيه حيث عليك التأكد من إعطاء التعليمات المناسبة والتأكيد على الإجراءات والواجبات، التصرف بحزم وبسرعة لتصحيح الأخطاء، والرقابة اللصيقة على الآخرين. ب - التدريب، ويعني ذلك التعاون مع الآخرين لحل المشاكل وتحويل الأفكار المجردة لواقع ملموس، والتأكيد على أن الجميع يعرف مسؤولياته ومستوى الأداء المتوقع منه. ج -الدعم، أي مساعدة الآخرين على الشعور بأهميتهم ودورهم في العمل وتقديم المساعدة إذا طلبت دون إجبار وتشجيع الآخرين على حل المشاكل التي تجابههم وإعطاء الفرصة للجميع لتقرير أدوراهم ومسؤولياتهم. د - التفويض، ويقصد به توزيع المهام على الجميع، أو إفساح المجال أمام الآخرين للتصرف في أمور العمل، وإعطاء الفرصة لفريق العمل في تكوين خططه الخاصة به، ووضع الخطوط العريضة وترك الباقي للتنفيذ. وتذكر في النهاية بأنه ليس هناك أسلوب واحد صحيح يجب أتباعه بل هناك عدة أساليب صحيحة ينطبق كل منها على الموقف والشخص المناسبين. سابعا: اقرأ تغييرات الجسم: لا أحد ينكر أهمية الحديث في حياتنا كأداة اتصال لفظية يستخدمها الأفراد فيما بينهم، لكن هناك نوع آخر من الاتصال يمنحنا قدرة خاصة على فهم حقيقة ما يشعر به الآخرون وهو الاتصال غير اللفظي، ويتمثل في اتخاذ الجسم لوضع معين والإتيان بحركات خاصته، أو استخدام تعبيرات الوجه، وقد توصل ألبرت مينايبان إلى أن الرسالة التي يبعث بها أي شخص ينقسم تأثيرها إلى 70? لفظي (كلمات فقط) وتأثير غير لفظي (تعبيرات الجسم( وتعتمد قراءتك لتعبيرات الجسم ومؤشراته بصورة أساسية على مهارات خاصة كقوة الملاحظة، وسرعة البديهة والقدرة على ربط الحديث بأصحابه. ثامنا: كن عضوا ناجحا في فريق العمل كتب الشاعر الإنجليزي جون دون ذات مرة في إحدى قصائده إن الإنسان ليس جزيرة، وهذه حقيقة ثابتة، فمهما اجتهد الإنسان في العمل بمفرده، لا بد وأن يأتي الوقت الذي يحكم الآخرون عليه بناء على قدرته على العمل ضمن جماعة من الأفراد، وحتى تكون جزءا من فريق عمل ناجح عليك أن تحدد إلى أي فريق عمل تنتمي، ومعرفة الهدف من تشكيل الفريق ومهامه، والنشاطات وأسلوب العمل فيه.