لماذا لا نخطط لمستقبلنا؟

التخطيط فطرة بشرية فطر الناس عليها وهو ضرورة ملحة كخطوة أولى في الأعمال كلها لضمان أفضل النتائج، وكلما كان التخطيط مدروسا ودقيقا ومقنعا كانت النتائج أكثر إيجابية وأقوى فعالية. وقد أحست الدول بحاجتها إلى التخطيط على المستوى العام فحددت لذلك إدارات أو وزارات خاصة أناطت بها مهمة وضع الخطط ورسم الطرق التي تكفل ارتقاء المستويات المختلفة التي يراد لها أن ترتقي، ولن يكون ذلك ما يعنينا هنا ولكننا نتدرج في المستويات نزولا حتى نصل إلى التخطيط على مستوى الفرد وأهمية ذلك له وهو ما سأحاول إلقاء الضوء عليه في عجالتنا هذه. تكتسب مسألة التخطيط على مستوى الأفراد أهمية كبرى في عالم يعج بالمشاغل والمسؤوليات المختلفة، وتأتي هذه الأهمية مما يمكن أن يؤدي إليه مثل هذا التخطيط من توفير في الجهود والوقت والمال مع زيادة في الفعاليات والإنتاجية. فالتخطيط السليم للكيفية التي يقضي بها الفرد نهاره وليله باستخدام جدول زمني محدد مع معرفة مسبقة بما ينوي فعله في هذه الفترة، يكفل له أن يكون على بينة واضحة من كل ما يتحتم عليه فعله في أقل وقت ممكن دون إضاعة له أو بذل جهد مضاعف. كما أن التحكم المسبق أيضا في الكيفية التي يقضي بها العام القادم وحتى الذي يليه مع ترك المشيئة لله قبل ذلك يمكن أن تؤدي إلى النتائج نفسها وهذا بالإضافة إلى أن ذلك مؤشر حضاري في حد ذاته. ولابد للإنسان أن يقف مع نفسه أيضا بين الحين والآخر ليقومها وليخطط لنفسه ماذا تكون؟ وكيف؟ ومتى؟ ولابد له من معرفة التزاماته تجاه الآخرين وتجاه مجتمعه وقبل ذلك كله تجاه ربه، فيرسم لذلك كله الخطط التي تكفل له الأداء السليم لتحقيق الغايات المنشودة التي تجعله يؤدي بكفاءة وفعالية أكثر كل تلك الالتزامات بالكيفية المثالية في الوقت المثالي. أما التخطيط في الإنفاق فليس غير المبذرين يهملون هذه الناحية وينسون أهميتها ولا أظننا في حاجة لتأكيد هذه الأهمية، ليس لما يمكن أن تعود به من نفع على الفرد نفسه بل ومجتمعه ككل، ومن هنا أيضا تجيء أهمية ترشيد الإنفاق وإذا كان بمقدور البعض بما أوتوا من معرفة وخبرة وحنكة ودراية أن يخططوا لأنفسهم فإن البعض الآخر قد لا تتوافر لهم تلك الضرورات الهامة للتخطيط السليم ولهذا فهم في أمس الحاجة للنصح والمشورة وإسداء الرأي ورسم الخطط لهم بإخلاص. وعندما يرسم الطريق لترشيد سلوك أو عمل أو مستقبل فلابد من الاهتمام في الوقت نفسه بتوفير البدائل الجاهزة إذ لا يمكن أن يسير التخطيط دائما كما يرسم، فلابد من وجود هذه البدائل التي يمكن اللجوء إليها عندما تستدعي الضرورة التي تستوجبها الظروف. كما أنه من البديهي أن يكون للتخطيط- أي تخطيط -ضوابط تتحكم فيه لابد من أخذها بعين الاعتبار عند وضعها، وتأتي الإمكانات المتوفرة على رأسها كما أن الالتزامات والغايات المرجوة التي يؤمل الوصول إليها تعطي المعالم التي ينبغي أن ترسمها والاعتماد عليها، ولابد أن يكون ذلك كله في إطار من تعاليم الدين السمحة وفي حدود ما تسمح به. عزيزي القارئ، عد إلى نفسك لتجد أنك كثيرا ما تغفل التخطيط في كثير من أمور حياتك ومعاشك، وأنك كثيرا ما أقدمت على أعمال ارتجالية دون تخطيط صحيح فآلت إلى الفشل أو إلى تحقيق غايات وأهداف أقل من طموحاتك. أما كيف تخطط بعد ذلك فالقاعدة الذهبية في ذلك هي.. استشر.. ثم استخر.. ثم اعزم.