موضة المستقبل.. أقنعة الوجه تفرض نفسها على مصممى الأزياء بفرنسا بسبب كورونا

تأثرت دور الأزياء العالمية بانتشار فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19"، بشكل كبير فى تصميماتها ومنتجاتها خلال الأشهر القليلة الماضية، خاصة مع توقف تنظيم أسابيع الموضة فى العواصم الأوروبية لتجنب تفشى الوباء، وفى إطار الاستخدام الكثيفة للأقنعة الواقية "الكمامات"، اتجهت دور الأزياء الشهيرة حول العالم لتصميم أقنعة الوجه بأشكال رائعة تتماشى مع جميع الأذواق وبطريقة تكسر حالة الخجل لدى البعض من ارتداء الأقنعة التقليدية.

وفى هذا الإطار أصبح تصميم أقنعة الوجه جزءًا من الموضة فى فرنسا، لكن على خجل فى ظل بودار ثورة ثقافية جديدة بعالم الأزياء تأثرًا بأزمة انتشار وباء كوفيد-19، الذى يتوقع استمرار ارتداء الأقنعة بعد انتهائه، وقد بدأت إيزابيل ماتيو، وهى مصممة ملابس للسينما وصاحبة متجر فى مرسيليا بجنوب فرنسا، فى صنع أقنعة الوجه قبل شهر مستخدمة مخزونها من الأقمشة أو من خلال ملابس قديمة، وقد تميزت أقنعتها بكونها ملونة مع نقوش زهور أو كريات صغيرة.

وتوضح المصممة الفرنسية، لوكالة "فرانس برس" - وفقًا لما نقله موقع " euronews" - "ثمة طلب فعلى، لم نكن نتوقع ذلك بتاتا.. فمطلوب منا أن نضع هذه الأقنعة لمدة سنة ونصف السنة على الأقل، طالما لم يتوافر أى لقاح لذا ينبغى أن نضفى بعض البهجة عليها".

أما بيار تالامون، الخياط فى حى ماريه الرائج فى باريس، فقال يسجل القناع الكحلى اللون أفضل المبيعات لديه، فيما يتيح الخياط الفرنسى للزبون حرية الاختيار بين 15 تصميما بلون واحد أو بزخرفات لتنسيقه مع سترات كلاسيكية.

ويرى الخياط أن "من المنطقى تماما إدراج القناع ضمن الملابس الرجالية فهو قد يصبح أكسسوار موضة بامتياز.. ويبلغ سعر القناع لديه 15 يورو ويتضمن تفاصيل نجدها فى الملابس الراقية مثل الحواشى".

وبحسب الخياط قد يرافق القناع بدلة رسمية، ويكون القناع باللونين الأسود والأبيض ليتماشى مع بلدة سموكينج، ويسأل "حال استؤنفت العروض هل تتصورون أنفسكم جميعا فى دار الأوبرا مع أقنعة طبية زرقاء؟".

وقد زادت عمليات البحث عبر الإنترنت عن الأقنعة بنسبة 496% خلال الربع الأول من العام 2020 حسب ما يفيد محرك البحث المخصص للموضة "ليست"، وبات القناع مع شعار سهم من تصميم الأمريكى فيرجيل ابلو، نجم جيل الألفية، المنتج الأكثر شعبية للرجال فى العالم، ويباع القناع بسعر 95 دولارا حتى انتهاء المخزون لكن سعره أعلى بثلاث مرات على منصات بيع القطع المستعملة.

ويقول تقرير الوكالة الفرنسية، "يمتلئ تطبيق "إنستجرام"، بـ1000 طريقة لإضفاء تفاصيل شخصية على القناع، إلا أن الموضوع يبقى "حساسا" فى شركات السلع الفاخرة، حيث ثمة رغبة فى أن يصبح هذا الإكسسوار من مخلفات الماضى بأسرع وقت ممكن"، حسب ما قاله مؤرخ الموضة أوليفييه سايار، ويضيف "من غير المناسب.. لا بل سوقى جدًا، وضع شعار على قناع والاستفادة منه، فهذه سلعة قطعة طبية".

وقد حولت دور أزياء راقية مثل "ديور" و"سان لوران" و"بالنسياجا" بعضا من مشاغلها لصناعة أقنعة موجهة للطواقم الطبية حصرا، وكانت دار كوبرنى التى تشارك فى أسبوع الموضة من بين أول من نشر تصاميم وحصصا تدريبية لحث الفرنسيين على صنع أقنعتهم بأنفسهم.

وقال أحد مؤسسى الدار أرنو فايان، "أدركنا سريعا أن هذا الأمر سيطرح مشكلة" فى إشارة إلى نقص فى الأقنعة، وأضاف "رؤية أشخاص يضعون أقنعة يثير بعض القلق ونشعر بأننا نعيش فى عالم خاص".

لكن هل ستتضمن مجموعتهم المقبلة أقنعة؟ قال فايان "نفضل عدم التعليق الآن"، كذلك لم تعلق در "ديور" على سؤال فى الاتجاه نفسه طرحته وكالة فرانس برس، فيما رأى عالم الانتروبولوجيا فرديرديك كيك، إن وضع القناع الذى يعتبر فى الثقافة الفرنسية "رجعيا وقمعيا"، سيحدث "ثورة".

وأشار فى مقال فى صحيفة "لوموند"، مطلع أبريل الماضى، إلى أن "القناع كان غير مناسب فى فرنسا، حيث إن مُثل الأنوار التى حققتها الثورة الفرنسية بُنيت ضد الأقنعة التى كانت تزين وجوه الأرستقراطيين فى صالوناتهم"، وأضاف "وضع القناع يعنى أن أزمة "كوفيد-19" طبعت أجسادنا ونفوسنا، وترغمنا على فقدان للبراءة شبيه لما فرضه مرض الإيدز على العلاقات الحميمية"، ويقول أولفييه سايار، "إننا نختفى بطبيعة الحال وراء القناع، وهذا قد لا يكون سيئا فى زمن يتمحور على الأنا".