دول مجلس التعاون.. خطط ومشاريع استراتيجية وحيوية لتعزيز مستوى أمن الطاقة الخليجي واستدامته

الرياض/ تحرص دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية على تطوير المنظومة التعاونية المشتركة فيما بينها من خلال جملة من المشاريع والخطط الحيوية والاستراتيجية التي تنفذها لتحقيق التكامل الاقتصادي فيما بينها، ولتعزيز اقتصادات دولها مع مختلف الدول والتكتلات العالمية بما يحقق الاستقرار السياسي والاجتماعي والأمن والسلم الاقليمي والدولي.

وقد استعرضت الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية من خلال مشاركتها بجناح في معرض الطاقة العالمي الرابع والعشرين المقام في إمارة أبوظبي خلال الفترة 9 - 12 سبتمبر 2019م، الجهود التي تبذلها دول المجلس لدعم أمن الطاقة وحفظ امداداتها وضمان استدامتها من خلال القطاعات التابعة للأمانة العامة والهيئات والمنظمات التابعة لمجلس التعاون المشاركة في الجناح والمعنية بدعم الطاقة واستدامتها، ومن أهم تلك الجهود مشروع الربط الكهربائي الخليجي أحد أهم مشاريع البنية التحتية المشتركة لدول المجلس الذي دعم بشكل كبير مستوى أمن الطاقة الخليجي بما يقدمه من توفير للدعم والموثوقية لشبكات كهرباء الدول الأعضاء، وهو المشروع الاستراتيجي لأمن الطاقة الكهربائية، حيث يوفر المشروع الاستراتيجي الموثوقية والاعتمادية والكفاءة لشبكات كهرباء دول الخليج بنسبة 100%، وتجنبها أي انقطاع ناتج من التوليد وذلك من خلال الدعم اللحظي بنقل الطاقة المطلوبة عبر الشبكة الخليجية بسلاسة يضمن استقرار شبكات كهرباء الدول، وقد بلغت حالات الدعم منذ بدء التشغيل أكثر من (1800) حالة دعم وحتى الآن.

ولم تقتصر فائدة هذا المشروع على تعزيز أمن الطاقة الكهربائية فقط، إنما تعداه إلى تحقيق وفورات اقتصادية ناتجة عن إمكانية استفادة كل دولة من احتياطيات دول المجلس الأخرى وذلك لمساعدة الدول على تخفيض حجم احتياطاتها، مما يشكل وفراً اقتصادياً لها، كما تمتد فوائد الربط الكهربائي الخليجي إلى توفير تكلفة بناء محطات توليد جديدة، وبالتالي تخفيض مصاريف التشغيل والصيانة، وتقليل الانبعاثات الكربونية، وقد تم تقدير هذه الوفورات الاقتصادية التي حصلت عليه الدول الأعضاء منذ بدء التشغيل ما يقارب 2.4 مليار دولار.

وإضافة إلى نجاح الربط الكهربائي الخليجي في تعزيز أمن الطاقة والوفورات الاقتصادية التي تحققت، فقد وصل إلى مرحلة أخرى من أهدافه وهي مرحلة تجارة الطاقة الكهربائية بين دول المجلس، ولتحفيز وتشجيع وتطوير سوق تجارة الطاقة قامت الهيئة بإطلاق منصة تجارة الطاقة لسوق الكهرباء الخليجية، وهو برنامج تم تطويره من قبل الكوادر الذاتية للهيئة ويهدف إلى تحفيز إبرام عقود يومية لتجارة الطاقة بين الدول الأعضاء، على غرار أسواق الطاقة الكهربائية العالمية ودشن في مرحلته الأولى السوق اليومي (Day Ahead Market) الذي يمكن المشاركين من طرح عروض البيع والشراء لكل ساعة من الـ 24 ساعة لليوم التالي، حيث يتم إبرام صفقات البيع والشراء آليا حسب عروض البيع والشراء التي يتم إدخالها للمنصة من قبل المتاجرين المخولين من دولهم وشركاتهم وبشكل آمن مع المحافظة على سرية وهوية الجهة المتاجرة حتى إتمام الصفقات. كما يتيح النظام حجز وتسعير سعة الربط المطلوبة وتسوية صفقات البيع والشراء بإصدار الفواتير آليا وقيام الهيئة بتنسيق عملية تحصيل تلك الفواتير بين الدول الأعضاء.

ومن النتائج المتوقعة من تشغيل تلك المنصة هو تمكين شركات وهيئات ومؤسسات دول مجلس التعاون من الاستخدام الأمثل للطاقة الكهربائية والمتاجرة بها بشكل اقتصادي، مما يعود عليهم بعوائد مالية ووفورات اقتصادية تبلغ ما يقرب من مليار دولار سنويا متمثلة في توفير تكلفة بناء محطات توليد جديدة، وبالتالي تخفيض مصاريف التشغيل والصيانة، وتقليل الانبعاثات الكربونية.

واستعرضت الأمانة العامة في المعرض العديد من المشاريع، ومنها البوابة البيئية الخليجية التي تعد نافذة بيئية رسمية موحدة لدول مجلس التعاون، وتهدف إلى حصر وجمع وتبادل المعلومات البيئية لدول مجلس التعاون والإقليمية والدولية.

وبينت الأمانة العامة إلى أن دول المجلس أعتمدت نظاماً موحداً للتقويم البيئي للمشاريع، ووثيقة للسياسات والمبادئ العامة لحماية البيئة .

واستعرضت الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية عدداً من الجهود التكاملية لدول المجلس في مجال الطاقة، ومنها الاستراتيجية البترولية، واستراتيجية الإعلام البترولي، واستراتيجية موحدة للمياه، فيما عرض مكتب الأمانة الفنية لمكافحة الممارسات الضارة في التجارة الدولية التابع للأمانة العامة جانب من جهوده في الدفاع عن مصالح الصناعة الخليجية، حث استطاع استبعاد فرض رسوع على العديد من الصادرات الخليجية، وحافظ على ما يزيد عن 5 مليارات دولار أمريكي استثمارات لمصانع خليجية من خلال حمايتها من الممارسات الضارة (الأغراق) .

وبين مكتب براءات الإختراع في الأمانة العامة لمجلس التعاون إلى أنه منح ما يزيد عن 2000 براءة اختراع في المجالات المرتبطة بالطاقة والطاقة المتجددة.

وتضمن عرض منظمة الخليج للاستشارات الصناعية مساهمة المنظمة في إعداد العديد من الدراسات الفنية المتعلقة بترشيد الطاقة، والتأثير البيئي للقطاع الصناعي، ودراسات تحويل النفايات إلى طاقة، وبينت أن إجمالي الاستثمارات في الصناعات التحويلية في دول مجلس التعاون بلغت حوالي 400 مليار دولار أمريكي بنهاية عام 2017م، فيما بلغت الاستثمارات في مشاريع الطاقة والطاقة المتجددة عامي 2017 - 2018م ما يزيد عن 8 مليارات دولار أمريكي .

واستعرض مركز الاعتماد الخليجي التابع لمنظومة مجلس التعاون الجهود التي يبذلها في مجال الطاقة المتجددة والنظيفة بدول المجلس، حيث يقدم مركز الاعتماد الخليجي التابع لمنظومة مجلس التعاون تقاييم المطابقة للتحقق من ملائمة منتجات الطاقة ومدى أمانها وامتثال مزوديها لأفضل الممارسات وفقا للمعايير الدولية، إلى جانب ما يشتمل عليه متجر المواصفات الخليجية التابع لهيئة التقييس لدول مجلس التعاون من مواصفات خليجية لمختلف المنتجات لضمان تحقيق كفاءة الطاقة وسلامتها، فضلًا عن مشروع آخر لكفاءة الطاقة وهو " كود الحفاظ على الطاقة " الذي يكفل توفير الحد الأدنى من متطلبات كفاءة الطاقة في تصميم وبناء المباني الجديدة وأنظمة التدفئة والتهوية وتكييف الهواء فيها.

وقد سجلت دول مجلس التعاون إلى وقت قريب ارتفاع ملحوض في براءات الاختراع الممنوحة في مجال الطاقة حيث بلغ عدد براءات الاختراع الممنوحة من قبل مكتب براءات الاختراع لمجلس التعاون الخليجي في مجال هندسة البترول والغاز الطبيعي 2023 براءة اختراع، بينما بلغ عدد براءات الاختراع المقدمة لدى المكتب في مجال الطاقة والطاقة المستدامة 446 طلب، مما يعكس الجهود التي تبذلها دول المجلس لغرس ثقافة الاستدامة لدى المجتمع، وتعزيز القدرة لديه على الابتكار والريادة بما يكفل دعم الابتكارات وإدخال تقنيات حديثة تخدم مجال الطاقة وتحقق التوجهات العالمية في تعزيز كفاءة الطاقة في جميع مجالات القطاع.

وحققت دول مجلس التعاون نمواً ملوظاً في مؤشر التقدم المحرز لأهداف التنمية المستدامة العالمي عام 2018 م تجاوز 75%، وفيما يتعلق بالجهود التي تبذلها دول المجلس لتحقيق الهدف السابع الذي ينص على"ضمان حصول الجميع بتكلفة ميسورة على خدمات الطاقة الحديثة الموثوقة والمستدامة"، فإن دول مجلس التعاون تضاهي الولايات المتحدة الأمريكية في تحقيق هذا الهدف، كما تعد أفضل من المعدل لمنطقة غرب آسيا حيث بلغت نسبة السكان الذين يستفيدون من خدمات الكهرباء فيها حوالي 97.0%، بينما سجلت حصة الطاقة المتجددة في مجموع الاستهلاك النهائي للطاقة مستويات منخفضة في دول مجلس التعاون مقارنة مع مناطق أخرى من العالم.