جواز السفر والمراهقات الصبيانية

قبل يومين ارتفعت أصوات النساء تهليلاً بمنحهن أحقية استصدار جواز السفر.. وهو القرار الذي يسمح لهن بالسفر إلى الخارج دون الحصول على موافقة مسبقة من أولياء أمورهن، وصدر للواتي بلغن سن 21 عاماً وما بعد ذلك السن، ويعد هذا القرار مكملاً لحزمة من القرارات التي صبت في صالح المرأة بعد سكون طويل عما كانت عليه الحياة الاجتماعية بجعل المرأة تابعاً في كل شيء، ومع أن القرارات جاءت متلاحقة ومحققة لطلبات شريحة كبيرة من المجتمع، وقد سبق تلك القرارات رغبات نسائية كانت أهمها المطالبة بقيادة السيارة، واعتبرت تلك المطالبة خرقاً للسقف الاجتماعي، ولعدم توفر الظرف الاجتماعي لقبول تلك المطالبة لم تتم، وعندما تسنى الظرف صدر قرار بأحقية قيادة المرأة سيارتها، ولم يحدث شيء من التخوف الذي حمله المعارضون المتشددون بأن قيادة المرأة ستُخرج ذئاب الأرض في مهمة مقدسة لنهش أجساد النساء.

ولأننا مجتمع طبيعي مثل أي مجتمع في المعمورة تم التخلص من المخاوف المفترضة، واتسعت دائرة القرارات للسماح للمرأة بمزاولة الأنشطة والأعمال المختلفة من غير خشية أو ارتياب كحضور مباريات لعبة كرة القدم في الملاعب، أو الانضمام إلى أعمال كالالتحاق بالشرطة والقضاء، أو تأسيس أعمال تجارية، ومع إسقاط الولاية خرج كثير من النساء من تعنت الولي، وكانت آخر الخطوات السماح للمرأة بالحصول على جواز السفر.

وإذا كانت هذه القرارات قد أحدثت ارتجاجاً اجتماعياً خصوصاً لدى المتمسكين بسجن المرأة وإبقائها ضمن الحدود الذكورية إلا أن دخول أي بلد إلى المجتمع المدني يستوجب مساواة الطاقات البشرية في الحقوق والواجبات ضمن قوانين منظمة للحياة الاجتماعية، ومنذ زمن لو تم تقديم القوانين الملزمة لربما قد سبقنا وضعنا الراهن بمراحل زمنية، واكتسبنا الخبرة فيما نحن عليه الآن، ووفق المثل الشهير (أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي أبداً).

وأعتقد أن قراري رفع الولاية والسماح بالحصول على جواز سفر سيقضي على المتاجرة باسم البلد إزاء أي تصرف صبياني تقوم به أي فتاة مدعية الحجر عليها أو التضييق على حياتها، تلك التصرفات التي تم استغلالها من قبل وسائل الإعلام العالمي ضد الوطن.

والقراران (إسقاط الولاية واستخراج الجواز) لن يمكن أحداً من (التلسن) على البلد، لأن كل امرأة لها الأحقية الكاملة في اتخاذ قراراتها سواء أكانت في مكانها أو في اختيار السفر لأي بقعة من العالم من غير الادعاء بأنها مظلومة أو منقوصة الحرية في اختياراتها.

الآن، لن يكون هناك مجال لأن (تتبروز) المراهقات الصبيانية على حساب البلد.

بقلم: عبده خال - عكاظ