خبير تعليمي: إدراج #اللغة_الصينية خطة سعودية جريئة للاستفادة من أهم اقتصادات #العالم

جدة: أضحت الصين وجهة جديدة في التعليم السعودي بعد قرار إدراج اللغة الصينية، وإعلان وزير التعليم الدكتور حمد آل الشيخ مؤخرًا أن العام المقبل سيشهد زيادة عدد البعثات إلى الصين لدراسة البكالوريوس والدرجات العلمية المختلفة.

ولما يتمتع به «التنين الصيني» من قوة اقتصادية وتقدم تكنولوجي لافت، سلطت «عاجل» الضوء على «التعليم في الصين» مع الدكتور رويشد الرويلي، أستاذ اللغويات المساعد في جامعة الحدود الشمالية، والمختص في اكتساب اللغة وقضايا التعليم العالي.

مشروع 988 
أكد د. رويشد الرويلي أن الصين تعتبر نجمًا صاعدًا في فضاء التعليم العالي في العالم؛ حيث إنها تمتلك في آخر تصنيف «التايمز للجامعات» ثلاث جامعات ضمن أفضل 100 جامعة على مستوى العالم مقارنة بالجارة الاسيوية اليابان، قائلًا: رغم أن هذا الأمر حدث خلال فترة قصيرة، إلا إنه ليس وليد الصدفة؛ بل نتاج خطة عملية واضحة المعالم تسمى «مشروع 988»، وهو العام الذي انطلقت فيه هذه الخطة.

وأضاف الرويلي: إن الخطة أصدرت مع بداية الألفية الجديدة، مستهدفة رفع الكفاءة العلمية والبحثية لبعض الجامعات الصينية حتى يمكنها دخول «نادي أفضل 100 جامعة»، فيما اتجهت الخطة الآن إلى تخصيص تسع جامعات؛ لتصبح ضمن «النخبة» على غرار «رسل قروب» في بريطانيا، و«إيفي ليج» في أمريكا، بما يعني تخصيص 10% من الميزانية العامة لها، وهذا مرده أن التعليم الجامعي المميز عالميًّا ليس منارة ثقافية وجزء من إرث ثقافي يتفاخر به فحسب، لكنه يعني مصنع المستقبل والأفكار.

واعتبر الرويلي أن كل هذه المؤشرات إيجابية، وتعطي انطباعًا جيدًا عن وضع التعليم العالي هناك، مشيرًا إلى أن مقارنة الجامعات الصينية بنظيرتها الأمريكية تُعد غير عادلة وغير منصفة؛ إذ إن التعليم الجامعي الأمريكي ليس وليد عمر قصير بل إن عمر بعض الجامعات الأمريكية يفوق مثيلتها الصينية، لافتًا إلى أن المعادلة السليمة تعني مقارنة أداء الجامعات الصينية بالأهداف الموضوعة لها، وفي هذا الصدد تشير الأرقام إلى تفوق الصين، بدليل أن هناك 7 من جامعاتها من بين أفضل عشر جامعات للاقتصادات النامية.

واستعرض الرويلي بعض المؤشرات التي يمكن من خلالها التعرف على مستوى البحث العلمي في الصين، قائلًا: «بحسب الإنتاج البحثي، تأتي الصين في المرتبة الثانية بعد أمريكا»، من حيث الأوراق العلمية في قاعدة «الويب أوف ساينس»، وكذلك معدل الاقتباسات لكل ورقة، وهو ما يُشير إلى إن الأبحاث الصينية ذات جودة عالية ولها قبول عالمي، مستدلًا بشركة «هواوي» صاحبة أكثر براءات الاختراع لعام 2017، والتي تحولت إلى تطبيقات داخلة في الصناعة متفوقة على عدد من الشركات الغربية.

وبحسب ما وصفه بـ«التطاول الصيني في البحث والابتكار عالميًّا»، يرى الرويلي، أن هذا يرجع إلى قوة الأساس التعليمي، وتوافر رغبة حكومية قومية تمثلت في الدعم والتخطيط للنهوض بالأمة الصينية، فمثلًا تصرف جامعة «شنجهاي» 1480 دولارًا مكافأة لأي طالب ينشر بحثًا في الأوعية عالية الاستشهاد لرفع الجودة وكذلك التصنيف العالمي. 

 الذكاء الاصطناعي 
كشف الرويلي، كذلك، عن أن الصين هي الثانية عالميًّا في سباق الذكاء الاصطناعي بعد أمريكا، مؤكدًا أن هذا سباق محموم جدًا والجميع يريد الظفر به، مستشهدًا بما غرَد به الرئيس الأمريكي ترامب مؤخرًا عبر حسابه، مطالبًا الشركات الأمريكية بتفعيل الجيل الخامس من الانترنت، بعد تفوق «هواوي» الصينية في هذه التقنية، فيما قال الرويلي: «إن تقنيات الجيل الخامس لا تعني فقط سرعة انترنت واتصال، ولكن التكنولوجيا والبنية التحتية الداعمة لتقنيات المستقبل كالمدن والسيارات الذكية وكذلك إنترنت الأشياء وغيرها من التقنيات».

وأكد الرويلي أن «رؤية السعودية 2030 » لم تهمل هذا الجانب، وتخطط لدخول عالم المدن الذكية، وخير مثال هو «مشروع مدينة نيوم»، كذلك تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الخدمات الصحية، والتي أعلن وزير الصحة توفيق الربيعة، مؤخرًا عن إمكانية الاستعانة بها، موضحًا أن هذه المؤشرات تفيد بأن التخصص أصبح ضرورة ملحة، ومن المنتظر أن تكون الجامعات الصينية وجهة للطلبة السعوديين خاصة إذا علمنا أن حكومة بكين تدعم برامج ريادة الأعمال وكل ما يتعلق بتطبيقات الذكاء الاصطناعي في جامعاتها.

إدراج اللغة الصينية 
واعتبر الرويلي، أن إدراج اللغة الصينية ضمن المقررات السعودية، قرار جريء في توقيته وطرحه وله مضامينه النوعية، موضحًا أن هذا القرار يهدف إلى تعزيز العلاقات مع واحد من أهم اقتصادات العالم، وكذلك الاستفادة من التقدم الصيني والخبرات في جميع المجالات؛ حيث إن التقدم الحاصل الآن في الصين يتطلب المجاراة والمحاكاة وكذلك نقل الخبرات والاستفادة منها، وهذا الأمر لا يتم إلا من خلال التواصل الحضاري واللغوي ومخاطبة أهلها، لافتًا إلى أن الصين لم تعد بلدًا بعيدًا ومنغلقًا على نفسه، بل هي قوة علمية وتقنية، أكدت أنه بالرؤية والطموح يمكن التحول إلى اقتصاد المعرفة والتقنية.