خلاصة كتاب ..أن تكون الإنسان في عصر #الذكاء الاصطناعي

القاهرة: تخيل فلم مدته 3 ساعات يحوي على صور متتابعة لمعادلات رياضية وأجوبتها أو أي محتوى تعليمي مرئي. الإنسان العادي سيقضي مدة الفلم كاملة (3 ساعات) ليشاهد ويتعلم وطبعا سيتذكر بعض المعلومات وسينسى البقية.

ثم لنتخيل أن هذا الفلم أٌدخل لنظام كمبيوتر مبرمج لتحليل الأفلام و الصور بحيث يمكنه قراءتها وتحليل هذه الصور وتعلم المعلومات منها خلال دقائق (وهذا ممكن جدا بتقنيات التسريع الحالية). مثل هذا البرنامج يمكنه مشاهدة ألاف الساعات والتعلم منها والمهم هنا أنه لن يمضي سنوات - مثل الإنسان الذي ترتبط ذاكرته بالمعاني والدلائل  - في المشاهدة والتحليل بل مجرد ساعات فذاكرة الألة ترتبط بعنواين مباشرة في داخلها. هذه ببساطة إحدى سرديات الذكاء الاصطناعي المحدود وقد طُبقت فعليا في مجالات عديدة أهمها المجال الطبي.

(2017 أدخلت حوالي 129 ألف صورة لحالات سرطان جلد في نظام ذكاء إصطناعي ودرسها ثم أصبح قادرا على تمييزها بشكل موازي لأخصائي مصدق من البورد - Nature article Esteva et al).

أمضى البروفيسور ماكس تيغمارك فترة يبحث ويناقش موضوع الذكاء الاصطناعي مع العديد من رواد التقنية والمفكرين ثم ألف كتاب life 3.0 الذي صنف ضمن أفضل عشرة كتب في هذا المجال. يبدأ الكتاب بقصة خيالية ممتعة عن نظام طور نفسه ليصل لمرحلة عالية جدا من العلم ثم يسرد عدة نهايات محتملة في فصول لاحقة.

ينتقل بعد ذلك لبعض التعريفات والفروق بين أنواع الذكاء الاصطناعي فمنه الضيق أوالمحدود مثل برامج لعب الشطرنج أوحتى قيادة السيارة ومنه الذكاء الاصطناعي العام الذي يمكنه القيام بعدة مهام مختلفة بما فيها التعلم بمفرده وقد يتفوق على الإنسان. من الأسئلة المطروحة هنا متى سيحصل ذلك وماذا سيحصل بعدها.

بالنسبة لمتى فبعض الرواد في هذه الصناعة يقولون أنها قريبة وخلال عشرات السنين وبعض المشككين يقول بل هي بعيدة مئات السنين وهناك مجموعات-  وهي الأغلبية -  تنادي بالذكاء الاصطناعي المفيد و تتوقع أيضا أنه قريب ويجب أن تُحدد بحوث وأسئلة لطرحها وإجابتها منذ الأن قبل فوات الأوان.

يسرد الكتاب أمثلة منها: من المسؤول حال حصول حادث لسيارة ذاتية القيادة؟ هل هومالك السيارة؟ الركاب؟ أم الشركة المنتجة لها؟ ماذا لوكان الجواب هوالسيارة نفسها حيث سيكون لها تأمينها الخاص وقيمته تتغير حسب تاريخ حوادث ونوع هذا الموديل تحديدا؟ وهذا يدعولسؤال جديد. إذا كان للسيارة تأمينها الخاص بها فهل تستطيع أيضا أن تملك نقودا وحساب بنكي أواستثماري؟ أوحتى عقار مثلها مثل أي شركة مسجلة؟

ينتقل الكتاب لعدة مواضيع منها التنافس الذي يجري بين الدول المتقدمة في هذا المجال وكيف أن هذا قد يغير العالم فتطور الذكاء الاصطناعي السريع لدولة ما قد يؤدي لسيطرة أحادية على العالم  وإذا وصلت دولة أومجموعة من البشر للذكاء العام الذي يستطيع التعلم وتطوير نفسه بسرعة في المستقبل فهم الذين سيتحكمون بالعالم وفي المقابل فإن تطورعدة دول بشكل بطيء موازي سيؤدي لظهورعدة أطراف قوية مسيطرة ومتوازية.(بعض الدول بدأت بتخصيص مليارات الدولارات للبحث و التطوير في هذا المجال).

يشرح الدكتور ماكس أيضا كيف أن التقنية أحيانا قد تقوي الجهات المسيطرة أوالحكومات الاستبدادية بإمدادها بالمعدات وأجهزة التحكم بالشعوب (مثل أنظمة المراقبة والتعرف) وهي أيضا قد تساعد الشعوب والأفراد (مثل التشفير وحرية قراءة المعلومات وغيرها) ويذكر عدة احتمالات لما سيحصل في المستقبل بعد تطور الذكاء الاصطناعي فقد تكون حياة طوباوية في مدن فاضلة أو تكون جحيما ديستوبياً أو تكون بين هذا ذاك في سيناريوهات غريبة وممتعة.

أخيرا أذكر نقاط تستدعي التفكير في هذا الكتاب الجميل: ظن الكثير أن الحروب انتهت بعد اختراع النووي ولكن الأسلحة الذكية والذكاء الاصطناعي قد يقلب هذه المعادلة بشكل كبيرلا يتخيله الكثير. صعودهذا  الذكاء ربما يجبرنا على التواضع وعدم الغرور بما وصل إليه الإنسان والأجدر أنه علينا التواضع بكل الأحوال. في الختام لتحسين حياة المستقبل يمكننا الكلام عن الذكاء الاصطناعي أو التصويت للسياسيين لكنك يمكنك تحسين الحياة يوميا من خلال تصويتك لما تشتريه واختيارك لما تستهلكه وما تشاركه مع الأخرين ودور القدوة الذي تقوم به.