الأروماثيرابي.. العلاج الصحي والنفسي بالروائح

باريس: في أواخر العشرينيات من القرن الماضي، صاغ الكيميائي الفرنسي رينيه موريس جاتيفوسيه مصطلح "أروماثيرابي" أو العلاج بالروائح، ليُستخدَم على نطاق واسع في عدد من الفروع الطبية، وخاصةً النفسية، لكن عالمة النفس راشيل هرز، التي درست تأثيرات العلاج بالروائح، لاحظت أن البشرية استخدمت الزيوت الأساسية من النباتات لعلاج الصحة الجسدية والنفسية منذ آلاف السنين.

واليوم يعمل اختصاصيو العلاج العطري في هذا الإطار، مستخدمين روائح المتعة والشفاء التي استخدمها الأجداد، لكن بمنظور جديد، وبتقنيات أحدث. وكما يؤكد خبراء هذا المجال، فإن الزيوت الأساسية والعطور الاصطناعية تختلف بعضها عن بعض، والفارق بينها يشبه إلى حد كبير الفارق بين الطعام الكامل والأغذية المصنعة.

وتعتبر الزيوت العطرية أغلى ثمنًا من المواد الكيميائية الاصطناعية، مع ما يتمتع به كل نوع من الزيوت العطرية الأساسية من مواصفات فريدة يصعب أن تتوحد مع غيره؛ فالخزام من فرنسا ينتج زيتًا مختلفًا عن زيت اللافندر من بلغاريا على سبيل المثال؛ حيث تعكس هذه الاختلافات ارتباطها بالأرض والشمس والمطر، وقد تتغير صفاتها بدرجة طفيفة من سنة إلى أخرى حسب الطقس.

ولأن الزيوت الأساسية فعالة، فإن العطور المشتقة منها يمكن أن تسبب أيضًا الحساسية، مثل العطس أو الدموع للذين لديهم حساسية من العطر.

وبالإضافة إلى الاستجابة المعتدلة للحساسية، تكون تأثيرات الزيوت العطرية على الصحة إيجابية بدرجة كبيرة. ويعتقد المعالجون بالزيوت العطرية أن الزيوت الأساسية تؤدي إلى الشفاء من بعض الأمراض، بالإضافة إلى تحقيق المتعة. وهناك عدد من الدراسات العلمية تدعم هذا الاعتقاد؛ ففي عام 2010 وجد الباحثون الألمان أن رائحة الياسمين كانت فعالة -مثل الفاليوم- في تخفيف القلق وتعزيز النوم بين الفئران المعملية، كما تشير الدراسات إلى الآثار الإيجابية للعطور الأخرى:

- الخزامى يهدئ القلق.

- البرتقال يقلل الإجهاد. 

- زيت النعناع يمكن أن يخفف مشكلات الجهاز الهضمي.

والمزيد من البحوث تشير إلى التطبيقات السريرية للعلاج بالروائح أيضًا؛ فعلى سبيل المثال وجدت دراسة أجريت عام 2007 أن العلاج بالبخور العطرية ساعد على تقليل الحاجة إلى المسكنات الأفيونية للمرضى الذين يخضعون لجراحة لعلاج البدانة. وأظهرت دراسة أجريت في عام 2012 أن زيت النعناع كان أكثر فاعليةً من الأدوية المضادة للقيء في تثبيط الغثيان والقيء بعد الجراحة.

ويمكن للعلاج بالعطور أن يساعد حتى مقدمي الرعاية في إدارة متطلبات وظائفهم؛ فقد أظهرت دراسة أجريت في عام 2008 أن الاستخدام الموضعي لـ"اللافندر" خفض الإجهاد بين الممرضات في مجال الرعاية المركزة.

كما وجدت الأبحاث أن العطور الممتعة تجعلنا نشعر بالراحة، وترفع معنويات المتعرض لها ومستخدمها؛ لذلك ينصح الخبراء باستخدامات آمنة ومفيدة للزيوت العطرية وخاصة للاستخدام العلاجي؛ فإن لم يكن لديك حساسية شديدة من العطور، يمكن أن تكون هذه الزيوت رائعة للاستخدام في جميع أنحاء منزلك.. فقط تأكد من مزجها بزيت حامل محايد، مثل زيت الجوجوبا، أو زيت اللوز الحلو، إذا كنت تخطط لاستخدامها على بشرتك، ومنها:

- زيت الياسمين: يستخدم في العطور منذ قرون، كما أن له خصائص مهدئة، ويعمل كمنشط جنسي أيضًا.

- زيت الخزامى: له فوائد علاجية معروفة، كما أن له آثارًا جيدةً للاسترخاء وتهدئة القلق وتعزيز النوم.

- زيت البرتقال: يمكن للرائحة المشرقة لزيت البرتقال الأساسي أن تجدد النشاط وتدعم العمليات الذهنية.

- زيت النعناع: مفيد لتخفيف التعب. وقليل من زيت النعناع يمكن أن يكون له تأثير التبريد والتنشيط.

- زيت خشب الصندل: يعتبر جزءًا من العديد من الطقوس الروحية التقليدية، ولرائحته الدافئة تأثير مركزي على النواحي النفسية.