دراسات توضح الارتباط المعقد بين #النوم والسمنة والسكري
صورة تعبيرية
برلين: لا يزال العلماء يعملون على فهم جميع الطرق التي يؤثر بها النوم في الإيقاع اليومي لحياة الإنسان، وكيفية عمل ما يعرف بالساعة البيولوجية الداخلية للجسم. ومع ذلك يوجد تلميحات حول مدى الخطورة التي قد يسببها اضطراب النوم. ولعل زيادة خطر الإصابة بداء السكري من أخطر العواقب الصحية للنوم السيئ. ولكن العلاقة بين النوم والسكري تبدو معقدة للغاية؛ إذ لا تبدو علاقة قوية بين النوم وعملية الأيض التي تعني كيفية استخدام أجسامنا الطعامَ من أجل توليد الطاقة، وكذلك الهرمونات التي تنظم الشهية وأنماط الأكل، وأيضًا استخدام الجسم سكرَ الدم والأنسولين.
النوم هو وقت مهم جدًّا لترميم وإصلاح الجسم على المستوى الخلوي. ويشمل ذلك صيانة جهاز المناعة الذي يقاوم الإصابة بالمرض، وكذلك وظائف التمثيل الغذائي في الجسم. ويبدو أن المرحلتين الثالثة والرابعة من النوم، اللتين تسميان النوم العميق أو الموجي البطيء، ذواتا أهمية خاصة لقدرة الجسم على استخدام الأنسولين لتنظيم السكر في الدم.
ويؤثر ضعف النوم في مرض السكري تأثيرًا مباشرًا وغير مباشر، عن طريق إحداث تغييرات في الهرمونات، والمساهمة في زيادة الوزن والسمنة، وتسبب تغييرات في السلوك وأسلوب الحياة.
والمرضى الذين يعانون من السكري أكثر عرضةً للإصابة بتوقف التنفس أثناء النوم واضطرابات النوم الأخرى. أما مشكلات النوم الأشد حدةً، فتبدو أكثر كلما كان السكري أكثر حدةً وأقل من حيث السيطرة عليه. وتدل بعض الدراسات على أن الأشخاص في منتصف العمر وأثناء مرحلة البلوغ، الذين لا يحصلون على قسط كافٍ من النوم؛ يكونون عرضةً للإصابة بالسكري من النوع الثاني بنسبة 1 إلى 2.
وقد شهدنا خلال العقود الماضية ارتفاعًا في عدد الذين يعانون من الحرمان المزمن من النوم، والسمنة ومرض السكري. ويبدو أن الزيادات في هذه المشكلات الصحية العامة الخطيرة مرتبطة بعضها ببعض. وفي الولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال، ووفقًا لأرقامهم الرسمية عام 2017، فإن أكثر من 100 مليون أمريكي يعانون حاليًّا من السكري، وهو رقم قريب من ثلث السكان، فيما أن واحدًا من كل 4 أشخاص تقريبًا مصاب بالسكري لكنه يجهل ذلك، وما يقرب من 90% من الأشخاص المصابين غير واعين لحالاتهم بأسلوب صحيح.
وفي الوقت نفسه، يحصل أكثر من ثلث الأمريكيين على نوم أقل من المعتاد (بالنسبة إلى معظمنا 7 ساعات في الليلة)، كما أن أكثر من 36% من البالغين هناك يعانون من السمنة، التي تعد من عوامل الخطر الرئيسية لمرض السكري. وتظهر الأدلة العلمية أن النوم السيئ يساهم في السمنة التي تضاعفت في جميع أنحاء العالم على مدى ما يقرب من 4 عقود. وخلال الفترة نفسها، زادت معدلات عدم كفاية النوم.
لكن النوم غير الكافي ليس مشكلة النوم الوحيدة التي يمكن أن تزيد خطر الإصابة بالسكري؛ حيث تدل الأبحاث العلمية على أنه بالإضافة إلى قصر مدة النوم، فإن تدني جودة النوم يمكن أن تتداخل مع وظائف التمثيل الغذائي في الجسم وتزيد مخاطر الإصابة بالمرض. والمفاجأة أن هناك أيضًا أدلة متزايدة على أن النوم كثيرًا يمكن أن يزيد أيضًا من مخاطر الإصابة بمرض السكري!
ويتحرى العلماء بوتيرة متزايدة دور إيقاع الساعة البيولوجية في تطوير مرض السكري؛ حيث تؤثر إيقاعات الساعة البيولوجية في العديد من مجالات صحتك؛ فدورات النوم والاستيقاظ، تنظم الإيقاعات اليومية، والهرمونات التي تؤثر في الأيض والشهية والأنسولين والجلوكوز في الدم. فعندما تكون الإيقاعات اليومية غير متزامنة، يمكن أن تنخفض صحة الأيض في الجسم، ويمكن أن يزيد خطر الإصابة بداء السكري. وعندما نفكر في النوم وتأثيره في هذا المرض، من المهم ألا نأخذ بعين الاعتبار مدة النوم فحسب، بل وجودة النوم وعاداته وأنماطه.