بودرة التلك.. #السرطان يختبئ في المسحوق الأبيض

صورة تعبيرية

كاليفورنيا: في يوليو الماضي، قضت محكمة في ولاية ميسوري الأمريكية بدفع شركة جونسون آند جونسون، تعويضات بقيمة 4.69 مليار دولار لـ22 سيدة أكدن أنهن أصبن بسرطان المبيض من جراء استخدام منتجات للشركة أساسها مادة التلك، ومنها بودرة الأطفال.

وتضمن الحكم القابل للاستئناف إلزام الشركة بدفع تعويضات بقيمة 550 مليون دولار، ثم أضاف قرار المحكمة إلى المبلغ غرامة عقابية تعويضًا عن الأضرار التي لحقت بالمدعيات بقيمة 4.1 مليار دولار.

وأتى الحكم بعد 5 أسابيع من الاستماع إلى شهادات 12 خبيرًا تمت تسميتهم من قبل أطراف الدعوى، فيما قالت الشركة إن دراسات استمرت لعقود أثبتت أن مادة التلك آمنة، ونفت أيضًا أن منتجاتها تحتوي على مادة الأسبستوس أو الحرير الصخري الذي يحفز تطور سرطان المبيض.

يذكر أن هذا ليس أول حكم يصدر ضد الشركة بهذا الشأن؛ فقد سبقه قبل ذلك أول حكم قضائي على الشركة التي تعد سادس كبريات الشركات في العالم لإنتاج المستحضرات الدوائية والصحية، بدفع تعويضات بقيمة 72 مليون دولار لأسرة جاكي فوكس، التي قالت عائلتها إن مسحوق الأطفال الشهير لدى الشركة وغيره من المنتجات التي تحتوي على التلك تسبب في موتها بعد إصابتها بسرطان المبيض في عام 2015.

وقد أدى الحكم الأخير وما سبقه، إلى إثارة جدل جديد حول سلامة استخدام مسحوق التلك، فيما تواجه الشركة نحو 9 آلاف دعوى قضائية أخرى تتعلق جميعها بتلك المادة؛ منها قضايا خاصة بمسحوق تلطيف بشرة الأطفال، خاصة مع كشف محامي فوكس في القضية الأولى عن مذكرة داخلية في عام 1997 من أحد المستشارين الطبيين في الشركة المنتجة يقول فيها إن أي شخص ينكر الصلة بين استخدام التلك للنظافة النسائية وسرطان المبيض، ينكر الوضوح في وجه كل الأدلة على عكس ذلك؛ ما يعني أن الشركة لزيادة المبيعات رفضت الكشف عن أن منتجاتها القائمة على التلك يمكن أن تسبب السرطان!

ومن المؤكد أن هذه الأحكام ستثير جدلًا حول سلامة جميع المنتجات القائمة على التلك؛ نظرًا إلى أن البحث حتى الآن لم يكن حاسمًا.

ففيما يؤكد بعض الخبراء زيادة خطر الإصابة بسرطان المبيض باستخدام مسحوق التلك، وكذلك الوكالة الدولية لأبحاث السرطان التابعة لمنظمة الصحة العالمية، التي صنفت استخدام مسحوق الجسم القائم على التلك على الأعضاء التناسلية بأنه قد يكون مسرطنًا؛ يؤكد آخرون -ومنهم جمعية السرطان الأمريكية- أن الأمر يحتاج إلى مزيد من الأبحاث في ظل أدلة علمية ضعيفة.

وكانت هيئة الرقابة على الغذاء والأدوية في الولايات المتحدة الأمريكية، قد كلفت جهة متخصصة بإجراء دراسة على مجموعة متنوعة من منتجات التلك، من 2009 إلى 2010، كشفت أن منتجات الشركة لا تحتوي على الأسبستوس.

في حين أصدرت الجمعية الخيرية البريطانية لمكافحة سرطان الرحم، تقريرًا أكدت فيه مخاوف لديها منذ سنوات حيال إمكانية أن يسبب استخدام مسحوق التلك في منطقة المهبل سرطان الرحم، لكنها أشارت في الوقت نفسه إلى أن تلك المخاوف لم تثبت علميًّا، وأنها لا تزال تحتاج إلى مزيد من الدراسة.

كما درست مؤخرًا منظمة "كندا للبيئة والتغير المناخي"، التأثيرات المترتبة على استنشاق بودرة التلك أو وضعها على الجلد، وأصدرت تقريرًا حذرت فيه من مخاطرها، بعد أن بحثت الموضوع في 29 دراسة؛ 21 منها أكدت وجود صلة بين الإصابة بسرطان المبيض وتعرض الجلد في المنطقة التناسلية لدى الإناث لبودرة التلك، كما كشف التقرير أن استنشاق تلك البودرة يمكن أن يؤدي إلى مشكلات في الجهاز التنفسي، مثل تليف الرئتين.

وتتكون بودرة التلك من معدن طيني مكون من السيليكون والماغنيسيوم والأكسجين. وتضم أكثر أنواع التلك مادة أسبست أو الحرير الصخري، وهي مادة من المعروف أنها تسبب سرطان الرئة إذا تم استنشاقها، وهو السبب في أن كل منتجات التلك في الولايات المتحدة خالية من الأسبست منذ سبعينيات القرن الماضي.