فوق الكواكب البعيدة

جاذبية الكواكب تلعب دوراً مهماً في تحديد أشكال المخلوقات فوقها.. فإن كان وزنك فوق كوكب الأرض 100 كلغم «وأعتذر عن ضخامة الرقم» سيصبح فوق المريخ 38 كلغم، وفوق الزهرة 91 كلغم، وفوق نبتون 119 كلغم، وفوق المشتري 234 كلغم..

حين تهبط فوق المشتري ستلتصق بالأرض وتعجز عن الوقوف؛ لأن قوة الجاذبية تفوق قوة العضلات في ساقيك.. أما على كوكب المريخ فستشعر أنك خفيف، وتستطيع القفز كالضفدع لمسافات بعيدة..

والسبب في كلا الحالتين أن عضلات ساقيك نمـت بالقدر الذي يناسب وزنك فوق كوكب الأرض «100 كلغم» وبالتالي تعجز عن التعامل مع وزنك فوق المشتري «234 كلغم» في حين ستكون أكـثر من حاجتك فوق المريخ «بحيث يصبح لديك فائض قوة بنسبة 62 %»..

حين تعيش لفترة طويلة على كوكب أصغر من الأرض تبدأ عضلاتك بالضمور والتآكل.. فكما تنمو عضلاتنا بفضل جاذبية الأرض تضمر بسبب ضعف الجاذبية وخفة الوزن فوق الكواكب الصغيرة «ولهذا السبب يصعب على رواد الفضاء السير حين يعودون بعد عيشهم في المحطات الفضائية لعدة أشهر»..

في حال استوطنت المريخ، وأنجبت أطفالاً، ستلاحظ أنهم لا يملكون عضلات قوية وأن أجسادهم غدت أكثر طولاً وأقل وزناً.. فـلأنهم لم يتعرضوا لقوة جذب كبيرة لا «تتربى» لديهم عضلات كبيرة وتنطلق قاماتهم نحو الأعلى.. وعكس هذا يحدث لو أنهم ولدوا فوق كوكب ضخم كالمشتري حيث تصبح عضلاتهم ضخمة جداً ومكتنزة جداً مع قصر في القامة للتغلب على جاذبية المشتري الكبيرة...

وجيلاً بعد جيل «سواء على المريخ أو المشتري أو أي كوكب بعيد» تتواءم العلاقة بين جاذبية الكوكب وجسم الإنسان حتى يظهر جيل يختلف تماماً عن الموجودين فوق كوكب الأرض..

ومفارقة النمو هذه توضح كيف تساهم الجاذبية الأرضية في صياغة أشكالنا البشرية.. فـلو اختلفت قوتها قليلاً أو كثيراً لما بقينا بهذا الشكل الحالي.. فمزيد من قوى الجذب يجعل أجسادنا أضخم وأقصر وأكثر اكتنازاً بالعضلات، في حين أن جاذبية أقل تجعلنا أضعف وأنحف وأكثر طولاً «مثل مخلوقات الأفاتار»..

... وبالإضافة لهذه الحقيقة العجيبة هناك حقيقتان مهمتان نستنتجهما من هذا المقال:

الأولى: إن تمارين الحديد يمكنها الحد من تدهور عضلاتنا في سن الشيخوخة «كونها تفرض عليها جاذبية أعلى»...

والثانية: إن الجنس البشري «بشكله الحالي» لا يمكن أن يظهر على كوكب آخر غير الأرض.. إلا في حالة وجود توائم للأرض تتشابه معها في كل شيء.

بقلم/ فهد عامر الأحمدي - الرياض