حماية الأطفال من الأذية الإلكترونية

عُـد بخيالك إلى أيام جدك ووالدك، أو حتى البيئة الاجتماعية التي رأيناها في مسلسل العاصوف.. اسأل نفسك من كان يتحكم بعقول الأطفال في ذلك الزمان؟، ومن كان يشكل مبادئهم ويحدد في عقولهم معايير الصح والخطأ والحرام.. وسلوم الرجال؟

كان المؤثرون حينها يعدون على الأصابع، ولا يتجاوزون غالباً الأب والأم وشيخ المسجد وما يسمعه الطفل في المجلس..

أما اليوم فخرج الأمر من يد الأب والأم وشيخ المسجد، في حين نهائياً اختفت سلوم الرجال.. أصبحت المواقع الإلكترونية، والقنوات الفضائية، والتطبيقات الذكية، والألعاب التفاعلية تشكل عقول أطفالنا الندية.. أصبح رأي الأب والأم يبدو رجعياً ومتخلفاً مقارنة بما أصبحوا يعرفونه من الإنترنت والأجهزة الذكية.. تراجع تأثير الوالدين وأصبحت عقول الأطفال ساحة لتنافس غزاة فضائيين، وزوار إلكترونيين، ومشاهير فارغين، لا تعلم لماذا يتابعونهم بالضبط.. يشاركهم في التنافس على عقل ابنك مؤدلجون ومتشددون، ودعاة فتنة هم أحرص الناس على حماية أبنائهم مما يفعلونه في أبناء غـيرهــم..

ورغــم تأثير هذه الوسائل على عقول الجميع، تؤثر بشكل أقوى وأكثر ديمومة على عقول الأطفال والمراهقين.. فمن طبيعة العقل البشري تبني أول فكرة يتعرف عليها لدرجة رفض ومقاومة أي فكرة تالية تحاول إزاحتها من مكانها.. لهذا السبب نزداد تشدداً لأفكارناالقديمة كلما تقدمنا في السن، ولهذا السبب أيضاً يصعب علينا إتقان لغات ومهارات فكرية جديدة بعـد سن السابعة عشرة..

ولأننا لا نستطيع عكس عقارب الزمن، ولا العودة لزمن العاصوف وشيخ الحارة، لا نملك غير محاولة التحكم بـ(الكم الزمني، والمحتوى النوعي) في أجهزة أبنائنا الذكية..

جمعية الأطفال الأميركية تنصح بعدم شراء أي جهاز ذكي للأطفال قبل سن السادسة.. ومن سن السادسة للثانية عشرة لا يسمح لهم بأكثر من فتحه لـساعة واحدة فقط.. ومن سن الثانية عشرة إلى الثامنة عشرة ساعتين (يمكن بعدها إغلاق مفتاح الواي فاي بهدوء)..

أما من حيث النوع وطبيعة المحتوى، فأنصحك بتحمل مسؤوليتك كأب وتتعرف مبدئياً على برامج حماية الأطفال من الأذية الإلكترونية.. لا تحتاج لأكثر من ساعة لتحميل المناسب منها على جهاز طفلك، وتكرار الأمر مرة واحدة في الشهر.. فهناك تقنيات حمائية كثيرة يعتمد بعضها على المرحلة السنية للطفل (بطريقة الأفلام)، والبعض الآخر على طبيعة المحتوى الذي لا ترغب مشاهدة طفلك له (في اليوتيوب مثلاً)..

خذ كمثال تطبيق Kids Place الذي يمنع الأطفال من تحميل أي ألعاب أو تطبيقات مؤذية.. وتطبيق SafeTube الذي لا يسمح بمشاهدة المقاطع العنيفة أو الهابطة في اليوتيوب.. وتطبيق Safe Browser الذي يحجب يومياً آلاف المواقع ولا يظهرها في نتائج البحث.. وبرنامج Norton parental control الذي يتيح للوالدين متابعة ومراقبة ما يتصفحه أطفالهم.. وأخيراً وليس آخراً Net Nanny الذي يمنعهم من رؤية أو زيارة المواقع الإباحية..

باختصار شديد، مازلت قادراً على التأثير بأطفالك من خلال تطوير مهاراتك في سبل الحماية الإلكترونية.. وإن كنت تعتقد أنك أصبحت كبيراً على تعلم هذه التقنيات، اطلب من شقيقك الصغير، أو ابنك الكبير تولي هذه المهمة بالنيابة عنك..

ولأن البرامج والتطبيقات التي ذكرتها في هذا المقال مجرد نموذج ومـثال، ابحث دائماً في «غوغل» ومنصات التحميل عن (برامج حماية الأطفال من الإنترنت)؛ لتكـتشف كم كنت مقصراً في عدم اللجوء إليها منذ البداية..

بقلم /فهد عامر الأحمدي - الرياض