خطيب المسجد الحرام يظهر دور القدوة الصالحة في بناء شخصية المسلم

مكة المكرمة: قال إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور خالد بن علي الغامدي، إن تربية الأمة على الأخلاق الفاضلة والقيم النبيلة من خلال الاقتداء بالقدوات الصالحة والمؤثرة والاهتداء بها، من أعظم العوامل والأسس التي تسهم -مساهمة عميقة- في بناء الشخصية المسلمة المعتزة بدينها وثوابتها وانتمائها وتاريخها.

وأضاف فضيلته، أن أعظم القدوات التي أشاد الله بهم هو نبينا محمد الذي قال الله فيه (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)، فالنبي قدوة مطلقة بلا حدود زمانية ولا مكانية في أقواله وأفعاله وأخلاقه وسيرته وتقريراته، وقد سرت هذه القدوة النبوية إلى ذريته وزوجاته، وقد صح الأمر بالصلاة عليه وعلى ذريته وزوجاته وأصبحوا كذلك قدوة في العالمين.

وأوضح فضيلته أنه من أجلّ القدوات النبوية من أهل بيته ابنته السيدة الشريفة الفاضلة فاطمة الزهراء -رضي الله عنها- وعن أمها المباركة خديجة، وصلى الله على أبيها وسلم.

إن الحديث عن القدوة النبوية فاطمة حديث مغدق الثمار وعظيم الشأن، ها هنا القدوة النبوية التي اختارها الله على علم لتكون غيثًا للناس في زمان جدب الأخلاق والقيم والحياء، وواحة غنّاء للأمة في صحراء الشهوات والشبهات وفقر النفوس وتهافتها وتفاهتها.. اختار الله هذه السيدة المباركة على علم وأودع في شخصيتها من الفضائل والكمالات ما زكّاها به ورقاها في درجات العز والشرف، تربّت -رضي الله عنها- في بيت النبوة وتخرجت بمدرسة أبيها، وتعلمت من مشكاة الرسالة ونهلت من علم زوجها علي وفقهه، فحازت أعلى المقامات.

وأضاف فضيلته أن من كرامتها ومكانتها أنه نزل ملك من السماء لم ينزل قط لكي يبشر النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن فاطمة سيدة نساء الجنة، وأن الحسن والحسين سيدا شباب الجنة، ولذلك شهد لها أبوها النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها من خير النساء، كما في مسند أحمد (خير نساء العالمين مريم بنت عمران وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد وآسية امرأة فرعون).

وبيّن فضيلة الدكتور الغامدي أن الله وضع في شخصية فاطمة -رضى الله عنها- من الأسباب والعوامل ما رفعها الله فوق نساء العالمين وجعلها قدوة عظيمة للنساء في كل زمان ومكان، وإضافة إلى ما سبق ذكره من جوانب عظمتها، فقد كانت امرأة عابدة قانتة صوّامة قوّامة، قانعة باليسير صابرة على حياتها وشظفها وشدتها، حريصة على طاعة أبيها -صلى الله عليه وسلم- واتباع سنته، قائمة لزوجها بحقه وطاعته ولم يحفظ عليها زلة او خطأ، عظيمة الخوف والمراقبة لله متدثرة بثوب الحياء والعفة والتصوّن، لم يؤثر عنها كذب في الحديث وإخلاف الموعد أو تصرف مشين.