الرجل الزومبي
جميعنا سمع قصصاً عن عودة بعض الأموات للحياة بعد وفـاتهم. القصة النمطية تتحدث عن شخص أعلنت وفاته ثم استفاق فجأة بين فزع أهله وفرحهم بعودته.. قبل أيام فقط انتشرت في المدينة المنورة قصة شخص متوفى تم إنقاذه بفضل أحد المصلين الذي لاحظ حركة يده اليمنى.. أصر على فتح الكفن فوجدوه مستيقظاً ولكنه في حالة ذهول تام وعجز عن الكلام...
وأنا شخصياً لا أستبعد وقوع هذه الحوادث اعتماداً على التشخيصات الخاطئة أو اضطرابات القلب النادرة.. ما يصعب علي تصديقه هو ادعاءات عودة الأموات من قبورهم بهيئة زومبي أو أموات متحركين (وهي الفكرة التي تكررت كثيراً في أفلام الرعب منذ ظهرت لأول مرة في رواية فرانكشتاين لماري شيلي قبل مئتي عام)..
ورغم عدم تصديقي لمثل هذه الروايات، هناك ممارسات سحرية في منطقة الكاريبي تستحق الوقوف عندها فعلاً.. ففي هاييتي مثلاً ينتشر السحرة والمشعوذون بنفس مستوى الفقر والجريمة. وبمبلغ زهيد يمكن لأي شخص اقتناء عبده الخاص من خلال تحويله إلى زومبي. وغالباً ما يبدأ الإجراء بالاتفاق مع أحد المشعوذين على تسميم الشخص المرغوب سواء كان رجلاً لقوته العضلية أو امرأة لاستغلالها جنسياً. وبعد وفاته بساعات يفتح قبره ويستخرجه حياً فيبقى في خدمة سيده طوال العمر...
ويكمن السر هنا في استعمال سموم تدمر الدماغ وتدخل الضحية في حالة إغماء شديدة تجعلها تبدو ميتة حتى لأكثر الأطباء ذكاء وخبرة.. ومن المكونات الرئيسة في هذه السموم مادة مستخرجة من سمكة مميتة تدعى سمكة «الفطر السام».. وهذه السمكة بالذات مفضلة في المطاعم اليابانية ويموت بسببها (عن طريق الخطأ) ما بين شخصين إلى عشرة كل عام. وعلى مر القرون لاحظ اليابانيون أن الضحية تتعرض فوراً لغيبوبة عميقة سرعان ما تنتهي بالوفاة.. أمــا في هاييتي فيدس السحرة مكونات إضافية تجعل الضحية في حالة غيبوبة عميقة - ولكنها لا تصل أبداً إلى مرحلة الوفاة. وغالباً ما يعتقد الأهل أنه تُوفي بالفعل فيبدؤون بإجراءات الدفن، وبعد تركه في قبره يأتي أعوان المشعوذ ويستخرجونه من جديد. وخلال أسبوع تقريباً يزول مفعول السم، وتستيقظ الضحية في حالة فقد تام للذاكرة وتخلف ذهني شديد (بسبب تأثير السموم وتجربة البقاء في القبر لفترة طويلة)...
وهناك فيلم وثائقي شاهدته على قناة التاريخ (History channel) عن رجل يدعى كلارفيوس نارسيس عاش كـزومبي لمدة عشرين عاماً.. فـبعد إعلان وفاته في المستشفى الأميركي في هاييتي العام 1962 تمت سرقة جسده من القبر وعاش كـرجل مستعبد وفاقد الذاكرة حتى العام 1982.. لم تكن الحالة الأولى من نوعها ولكنها الوحيدة التي تم توثيقها في فيلم تجده على اليوتيوب بعـنوان:
بقلم/ فهد عامر الأحمدي -الرياض