بروتوكولات التعامل مع الجوال

لم نعد مدمنين فقط على هواتفنا الذكية بل وتكاد تصبح عضواً من أجسادنا المادية.. لا نكاد نتركها من أيدينا، ونصاب بالرعب حين نخرج من المنزل من دونها (لدرجة ظهر في علم النفس اسم فوبيا جديدة Nomophobia وتعني الهلع الذي يصيبنا حين ننسى الجوال أو نفقده)..

أتضح أن الجوالات أسوأ بكثير من القنوات الفضائية من حيث سرقة الوقت، بدليل أنها آخر ما يتركه أبناؤنا قبل النوم وأول ما يمسكونه بعد استيقاظهم من النوم.. دخل العالم بأسره في حالة هوس جديدة تسببت في عزلة الأفراد عن واقعهم، مقابل انفتاحهم على السايبر والعالم الافتراضي.. أصبحنا معزولين حتى أثناء تجمعاتنا الأسرية بسبب انشغالنا بها عما يدور حولنا (والأسوأ أنها أصبحت مثل التثاؤب، ما أن يفتح أحدهم جواله حتى يقلده الجميع تلقائياً)..

وكي لا نظلم أحداً أشير إلى أن الظاهرة (عالمية) حيث تؤكد الإحصائيات أن النظر في الجوال يتفوق الآن (من حيث المدة) على التلفزيون والصحف والكتب مجتمعين.. وفي حين يسرق «الجوال» خمس ساعات من حياة المواطن الأميركي، تتفاقم النسبة بين المراهقين في سنغافورة وتصل إلى 10 ونصف الساعة في اليوم..

وجزء كبير من السبب ــ كما أفترض ــ يعود إلى أنه تقنية حديثة نسبياً لم تتبلور حولها أخلاقيات تعامل، أو بروتوكولات استخدام، أو آداب عامة، تنظم تعاملنا معها.. قد تكون اليابان السباقة في هذا المجال حيث من غير اللائق هناك (كما لاحظت شخصياً) الحديث في الجوال في المواقع المزدحمة، وضرورة وضعه على «الصامت» قبل دخول القطار، في حين يمنع القانون إخفاء ميزة صوت الكاميرا (الذي نسمعه عند التقاط الصور) كي يتنبه الناس لأي محاولة تصور تحدث بقربهم..!

ما أطالب به في هذا المقال هو الاتفاق على «آداب عامة» تنظم تعاملنا مع الأجهزة الذكية سواء في البيت أو العمل أو المناسبات الاجتماعية.. أريد أن أسمع اقتراحاتكم لما يجب، ولا يجب فعله أثناء تعاملنا مع هذا الجهاز (كما تعلمنا عدم استعماله أثناء القيادة، ووضعه على الصامت قبل دخول المسجد)..

ولتشجيعكم على طرح آرائكم الخاصة، سأبادر أنا بتقديم خمسة بروتوكولات أخلاقية بخصوص استعمالنا للهواتف الذكية:

البروتوكول الأول ـ من غير المسموح استعمالها أثناء الاجتماعات الأسرية أو إدخالها للغرفة أو الصالة التي تجتمع فيها الأسرة دائماً..

والثاني - من غير اللائق الحديث بالجوال في مكان مكتظ بالناس (كما حدث لي مؤخرا في الطائرة حين استمر أحدهم بالحديث بصوت مزعج بين الركاب)..

والثالث - من غير المسموح التقاط صورة لأحد دون إذنـه، في حين يحق للمتضرر رفع دعوى قضائية في حال تم بث الصورة دون علمه عبر السناب أو وسائل التواصل الاجتماعي..

والرابع – أخبر أبناءك مسبقاً أنك ستحدد ساعات الاستعمال من خلال التحكم بــ»الواي فاي» أثناء فـترة المذاكرة أو أيام الاختبارات (وأؤيد بشدة عدم أخذه للمدرسة ما لم يكن هاتفاً خاصاً بالاتصال فقط)...

والخامس - حين يجتمع أفراد الأسرة الكبيرة (في بيت الجد أو الجدة مثلاً) تكون الهواتف الذكية على الوضع الصامت وتوضع في سلة كبيرة عند باب المجلس.. ويمكن لمن يريد الخروج لإجراء مكالمته الضرورية..

.. لا تستهينوا بالموضوع كونها الوحيدة التي هزمت التلفزيون والكتب والصحف، وتكاد تصبح عضواً جديداً في أجساد أبنائنا..

وأنتظر منكم بقية الاقتراحات.

بقلم: فهد عامر الأحمدي - الرياض