رمضان شهر العبادة أم السعادة؟

لم يكتب الله أن أشاهد أياً من أعمال رمضان التلفزيونية هذا العام، كنت في حالة سفر، سمعت بعض الآراء عن مسلسل "العاصوف" الذي تقدمه MBC، صاحب ذلك نفس الأسطوانة السنوية التي نرددها منذ سنوات عن تسابق القنوات التلفزيونية على المسلسلات في رمضان دون سواه من الأشهر الأخرى، الجواب بسيط: الأرباح الأرباح الأرباح.

لكن لماذا رمضان؟، ألا يفسدون علينا صيامنا؟، هذا السؤال لا يوجه إلى أصحاب القنوات أنفسهم، فمورد شراب التوت على استعداد أن يورده في أي شهر من شهور السنة ولكن الناس لا تقبل عليه إلا في شهر رمضان، من المسؤول إذاً؟ لا أستخدم كلمة مسؤول من باب الإدانة ولكن بحثاً عن السبب فقط.

علينا أولاً ربط الإنتاج التلفزيوني بنظام العمل في رمضان، من المسؤول عن تعديل ساعات العمل في رمضان لإطالة ساعات الليل على حساب ساعات النهار؟، من الذي كيّف الوقت للسهر؟ الجهات الرسمية طبعاً، ما الذي يمكن أن يحدث لو أن الجهات المسؤولة أعلنت يوماً أن ساعات العمل في رمضان لن تعدل وعلى الناس أن يبدؤوا أعمالهم كما يحدث في الشهور الأخرى، من الذي سيحتج؟ أصحاب القنوات الفضائية أم الناس؟.

عندما تقرأ تاريخ الحياة الاجتماعية في شهر رمضان عند كل الأمم الإسلامية ستطالعك الاحتفالات والسهر والأكلات الشعبية وتعليق فوانيس في الأزقة وألعاب أطفال وتسالي وتستمر هذه الاحتفالات حتى آذان الفجر.

إذا أعدنا بناء تطور الاحتفال برمضان ابتداء من أقصى ما نستطيعه من الماضي إلى يومنا هذا سنرى أن كثرة الأعمال التلفزيونية في رمضان ليست سوى تطور طبيعي لحالة استقبال المسلمين لرمضان في الأيام الخوالي، سيتبين لنا أن رمضان في ذهن المسلم عبر التاريخ شهر العبادة وشهر السعادة وشهر التميز الإسلامي عن بقية أصحاب الأديان الأخرى ولم يخصص للدراويش وأصحاب النفوس الكئيبة فقط، ما يحدثه أصحاب القنوات الفضائية هو ما أحدثه التطور التقني فقط، لم يضيفوا شيئاً جوهرياً على ما كان يفعله الأسلاف، كان الناس يحتفلون بالطبل والزمر وأحاديث الحكواتية في المقاهي وفي الشوارع، تحول الحكواتي إلى مسلسل تلفزيوني، ما كان يقوله الحكواتي بصوته المؤثر صار يشخص ويقدم في قالب درامي.

عندما يتحدث الناس في المجالس عن "العاصوف" في جلسات السمر سترى أنه نفس الكلام الذي كان يقال عن بنت الخباز التي خلصها ولد السلطان من يد الساحر الجبار كما سمعوا من الحكواتي في المقهى.

يتوجب علينا أن نتعلم كيف نتخلص من الشعور بالذنب والندم وأن نعيش الحياة كما يجب لكيلا نجعل العبادة مناقضة للسعادة. وكل عام وأنتم بخير.

بقلم: عبدالله بن بخيت - الرياض