لكيلا نسقط في الفخ

أولاً علينا أن ندرك أن المملكة تواجه هذه الأيام حملات إعلامية منظمة ومرتبة من دول محددة. تمثل القضية الفلسطينية محور هذه الحملة. قضية مشحونة بكل العواطف. بالتلاعب بها تستطيع أن تصنع الحب أو العداء. موقف المملكة ثابت وحازم من هذه القضية. لم تتاجر بها وكانت دائماً في أقرب المواقف من الحق الفلسطيني بصورة واقعية، تعرف حجم العرب وكم يستطيعون استرداده. كارثة القضية الفلسطينية أنها قضية مثالية، الحق فيها واضح. كل من يطلع على تاريخ القضية يعرف أن مجموعة من البشر جاءت وطردت شعباً من أرضه وشردته، حتى نتنياهو يعرف هذه الحقيقة، ولكن الحق شيء والقوة شيء آخر.

أن تكون بجانب الحق لا يعني أن تكون انتحارياً ولكن تستطيع أن تعمل بالحكمة والنفس الطويل أو تكون مزايداً.

أدركت المملكة منذ أول يوم من وقوع الكارثة حجم الكارثة. تمسكنا بالحق مع احترام قوة الواقع. لم تسمح المملكة أن تسيطر العاطفة على النظر للأمر. موقف المملكة ثابت لم يطرأ عليه أي تراجعات بينما الذين قرروا يوما إلقاء إسرائيل في البحر أصبحوا أصدقاء إسرائيل ومجرد وسطاء.

من القضية السورية يمكن أن نعرف كيف تتعامل المملكة مع القضايا العربية. وقفت بصلابة مع الشعب السوري ولكنها لم تعلن الحرب على روسيا التي تقف مع نظام الأسد. إشهار العداء على روسيا أو القطيعة معها لن يخدم القضية السورية. المملكة لا حاجة قصوى لها بروسيا ولكن العلاقة الطيبة مع روسيا هي التي ستمكن المملكة من مساعدة وتحقيق السلام للشعب السوري. نفس الأسلوب انتهجته مع أميركا الراعية الأولى لإسرائيل. شتم روسيا وشتم أميركا لن يكلف أكثر من برنامج يومي في إذاعة. ولكن هذا سيجعل المملكة فاقدة القدرة على التأثير على القوتين العظميين وسوف يضر بمصالحها دون أن ينتفع الشعب الفلسطيني. إقامة مصالح استراتيجية مع روسيا سيخدم المملكة وسيخدم القضية السورية. المصالح الاستراتيجية المشتركة تعطي المملكة كلمة عند القيادة الروسية. وهذا ما فعلته المملكة مع أميركا وبريطانيا وفرنسا وغيرها من الدول الكبرى.

بلغ الإنسان الفلسطيني من الألم حداً لا يطاق. من السهل على الانتهازيين استغلاله والمتاجرة به. الألم يفقد المرء حكمته وتقديره للأمور. الإعلام المعادي للمملكة بدأ يستخدم هذا الألم. دور الإعلام السعودي في هذه القضية في هذه المرحلة مهم وخطير. يتوجب على الكتاب ملاحظة معركة المملكة مع أعدائها عند التعبير عن رأيهم في القضايا العربية الساخنة. التعبير عن الرأي شيء رائع بيد أنه يمكن أن يكون مضراً إذا استطاع العدو أن يوظفه للتأليب ضد بلادك.

بقلم: عبدالله بن بخيت - الرياض