هل تسعى الحكومة لتغيير القطاع الخاص؟

بمقال الأسبوع الماضي بعنوان "هل الحكومة السعودية منافس للقطاع الخاص"، تحدثت عن التحول الاستثماري النوعي لصندوق الاستثمارات العامة PIF (الذراع الاستثماري) للحكومة السعودية، وكيف شهد الصندوق تطوراً ملموساً في الأداء الاستثماري منذ أن تولى رئاسة مجلس إدارته سمو ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان.

وطرحت في ذات المقال تساؤلات للبعض منها، هل الحكومة من خلال صندوق الاستثمارات العامة تَعمد لأن تكون منافساً للقطاع الخاص، وبالذات في ظل منح الصندوق لصلاحيات أعم وأشمل تمكنه من الإسهام الفعّال في تنمية الاقتصاد المحلي. والسؤال الآخر الذي طرحته بالمقال، هو هل سيكون للقطاع الخاص السعودي دور أساسي في تنفيذ المشروعات العملاقة التي ينوي الصندوق الاستثمار فيها، مثل مشروع نيوم ومشروع القدية وغيرها من المشروعات، أم سيكون دوره هامشياً ومتفرجاً فقط لا غير؟

وأختم المقال بتصوري بأن الحكومة لا تهدف لأن تكون منافساً للقطاع الخاص أو حتى مزاحماً له في أعماله، حيث يتوقع أن يكون له دور مهم في تنفيذ مشروعات الصندوق التي تقع ضمن اختصاصاته الفنية وإمكاناته المالية وقدراته التنفيذية.

مما لاشك فيه أن الحكومة تُولي اهتماماً خاصاً للقطاع الخاص، باعتباره عاملاً أساسياً وشريكاً مهماً للدولة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها المملكة. وما يؤكد على ذلك أن أحد أبرز أهداف رؤية المملكة 2030، هو رفع مساهمة القطاع في الناتج المحلي للمملكة إلى 65 في المئة. ولتمكين القطاع الخاص من بلوغ تلك النسبة، ركزت الرؤية جهودها على تعزيز مكانة الشركات الوطنية الكبرى، بما في ذلك المنشآت الصغيرة والمتوسطة في مجالات وأنشطة اقتصادية متعددة، إضافة إلى تمكين الشركات التي لديها فرص نمو واعدة، وبما يضمن خلق كيانات اقتصادية جديدة كبرى. كما تنوي الحكومة تقديم دعم للصناعات الوطنية لتمكينها من تسويق خدماتها ومنتجاتها في الخارج، وكذلك إبرام اتفاقيات لتصديرها.

ولكن كما يبدو لي مقابل الدعم الذي ستقدمه الدولة للقطاع الخاص خلال حياة الرؤية على هيئة حزم تحفيزية مختلفة، فهي تتطلع إلى أن يكون لديها قطاع خاص مختلف تماماً عما هو عليه واقع الحال اليوم، بحيث يكون قادراً على التعامل مع المتغيرات الاقتصادية والنقلة التنموية النوعية التي تشهدها المملكة.

بتصوري أن الاقتصاد والتنمية في المملكة بحاجة اليوم إلى قطاع خاص مبادر وخلاق للفرص، غير اتكالي يعتمد وكما كان الوضع في الماضي على الإنفاق الحكومي بشكل تام وكامل، والتدفق النقدي الذي كان يتلقاه من الحكومة، ولكن في نفس الوقت يتطلب من الدولة تهيئة البنية التنظيمية والبيئة التشريعية الملائمة لعمل القطاع وإشراكه في صناعة القرارات التي ترتبط بأعماله.

بقلم: طلعت حافظ - الرياض