الحرب الطويلة على التدخين
مرَّ تاريخ السجائر في المملكة بمراحل مختلفة. المرحلة الأولى بدأت بالمنع ثم سمح به مع فتاوى تشدد على كراهية تعاطيه. بعد وقت انهارت المقاومة وتم السماح بالتدخين المفتوح فتحولت القضية إلى مسؤولية المتعاطي. استمرت هذه الفترة طويلاً حتى أصبح الدخان جزءاً من البرستيج. وعندما شدد العالم حملته على التدخين صدر في المملكة قرار يمنع الإعلان والترويج له. وأخيراً استقر الأمر على التوعية بالأضرار الجسيمة التي يسببها. لا أعلم بالضبط هل نقص عدد المدخنين في المملكة أم زاد، ولكن المؤكد أن التدخين متفشٍّ في المملكة. يعكس مشكلة صحية واجتماعية كبيرة. في الآونة الأخيرة زاد عليه المعسل. لا نعلم هل جاء المعسل كبديل أم إضافة.
تميل بعض الآراء إلى منع الأشياء الضارة من دخول البلاد والحزم في تداولها وتنتهي المشكلة. الأمر ليس بهذه السهولة. يحدثنا بعض من عاصروا المنع أن الدخان أثناء المنع كان يصل عبر التهريب من دول مجاورة. أضاف المنع مشكلة جديدة ولم يحل المشكلة الأولى. ظهرت فئة المهربين. أصبح التهريب مصدر رزق لأفاقين صغار مختلفين كالموزعين والمروجين. مساوئ المنع أن أخرج السلطات من المعركة مع الدخان ونقلها إلى معركة أخرى مع المهربين. للحد من أضرار التدخين والسيطرة على انتشاره بين الأجيال الجديدة لا يمكن أن يتم بمنع دخول البلاد لأنه سيدخل بطريقة أسوأ. أفضل طريقة للتحكم في انتشاره وتعاطيه نوقف أي شكل من أشكال التربح منه. يتوقف أن يكون بضاعة للمتاجرة. أن تسحب الوكالات من أصحابها وتتبناها الدولة نفسها. تكون وزارة الصحة أو وزارة التجارة مسؤولة عن استيراده وعن توزيعه وعن نقاط البيع وتحدد الكمية التي تباع للفرد. تضاف الأرباح الناشئة عن سيطرة الدولة على تجارته إلى برامج وميزانية مكافحته أو العلاج من أضراره.
أحد الأسباب الرئيسية في انتشار السجائر تنوع الماركات والتعليب والنكهات الخ.. دخان بنات ودخان رجال او دخان يميل إليه الشباب ودخان للكبار. عندما يتوقف التربح التجاري ستختفي الإغراءات التي تأتي من هذا التنوع. يتم القضاء على هذه التقسيمات الدعائية الوهمية بأن يقتصر الاستيراد على عدد محدود من انواعه.
قد تبدو فكرة سيطرة الدولة على الدخان شاذة. بعض الدول تعمل بهذه الفلسفة في مجالات مختلفة للسيطرة على بعض العادات الضارة مثل شرب الخمور. كثير من الدول لا تسمح بطرخ الخمور كعرض من عروض التجارة. تسيطر الدولة في فنلندا على تجارة الخمور ومثلها كندا. نستطيع أن نطبق نفس الفكرة على السجائر.
بقلم: عبدالله بن بخيت - الرياض