حرب العملات لا تتوقف

الحقيقة الماثلة بهذا العالم هي أن هناك حرباً " دولية " ولكنها بالعملات، وأجدها لا تبتعد عن الحروب النظامية للدول مع فارق الخسائر، اليوم نجد الأوروبي من خلال "دراجي" يحذر الولايات المتحدة من تعمد التأثير على سعر الدولار، ولعل القرار الأخير بعدم رفع أسعار الفائدة من خلال البنك الفيدرالي دعم قوة اليورو والوان الصيني أيضاً، وحرب العملات لها مبرراتها حيث تسعى الدول إلى أن لا تصبح عملاتها عبئاً اقتصادياً عليها، فتعمل على خفض عملاتها من خلال سياسات مالية ونقدية لكي تصبح العملة "سعراً مصطنعاً" كما كانت تتهم الصين لسنوات طويلة من قبل الأميركان، لكي تخلق قوة تنافسية لمنتجاتها المصدرة للخارج وبالتالي ارتفاع الاستثمارات والتوظيف وكل ما يتبع ذلك اقتصادياً، التيسير الكمي الذي بدأته اليابان في 2001 وما نتج عنه من أثر اقتصادي، وكان الدور الأكبر للتيسر الكمي خلال الأزمة المالية 2008 والتي انتهجتها الولايات المتحدة الأمريكية، ونجد الأثر الاقتصادي اليوم أنها حققت الولايات المتحدة ووصلت لمستويات بطالة أقل من 5 % وهو رقم قياسي ومعدل توظيف يصل إلى 180 ألفاً شهرياً، وهذا ما عزز قوة النمو في الاقتصاد الأميركي ونجد أن سعر الفائدة تصاعد خلال 2017 لثلاث مرات من الرفع، ومتوقع أيضاً أن يتم رفع سعر الفائدة خلال العام 2018.

حرب العملات ستلقي بأثرها السلبي على من ترتفع عملتها لحد أن تصبح منتجاتها أعلى وسيكون لها أثر تنافسي سلبي، وهذا ما يقلق دول اليورو والبنك المركزي الأوروبي، حيث يرى أن أسعار العملة للدولار هي بتأثير أميركي أكثر من قوة حقيقية، فالدولار يستحق أن يكون سعرياً أقوى من ذلك، مما يضع اليورو بسعر أقل، ولكن نجد الاقتصاد الأوروبي يقدم أفضل أداء خلال 9 سنوات، وهذا ما يعزز قوة اليورو وأكملها الدولار، والصين تلجأ لشراء السندات الأميركية واليورو أيضاً، وهذا يشكل دعماً لعملات هذه الدول لكي تحافظ على قوة هذه العملات وحماية العملة الصينية بأقل ما يمكن كما تفعله اليابان، ولكن ظل الدولار يضعف وعكس ذلك على العملات الدولية الرئيسة ووضعها أمام تحدٍّ صعب، وهذا ما يتوقع مستقبلاً أن يحدث ويستمر، بخلق ميزة تصديره من خلال عملة أقل، وجذب مستثمرين يبحثون عن عملة متماسكة واقتصاد ينمو ومنتج، وهذه هي التحديات التي تعيشها الدول، هي حرب واقعة وفعلية نعيشها من سنوات واليوم ومستقبلاً، يصعب معها خلق أسعار عملات متوازنة ترضي الجميع، والمشهد سيكون مستمراً بلا توقف.

بقلم: راشد بن محمد الفوزان - الرياض