مؤشر الكهرباء

قدمت شركة الكهرباء وسيلة تخدم المستهلك للتعرف على تكلفة استهلاك التيار الكهربائي، الذي تغيرت تعرفته اعتبارا من أول كانون الثاني (يناير) الجاري. معلوم أن هذه الفترة من العام تعد الأقل استهلاكا بالنسبة للجميع، لذا فقد يكون الأثر أقل على المستهلك. الحديث سيكون أكثر حساسية عندما نصل إلى فترات الصيف، حيث يرتفع الاستهلاك ومعه تتضح المصاعب التي ستؤدي إليها التسعيرة الجديدة. رغم كل التناول للمصاعب التي تواجه المستهلك، ومحاولات الشركات لتوضيح مواقفها تبقى مثل هذه المبادرة قاصرة عن تحقيق الهدف الحقيقي وهو تمكين المواطن من المحافظة على مستوى استهلاك لا يؤثر في وضعه الاقتصادي آخر الشهر. 

المشكلات التي شكا منها الجميع خلال الفترة الماضية تنبئ بالعودة في القادم من الأيام. الشركات التي لا تركز على عمليات التوعية والدعم للمستهلك البسيط، تعمل باستغلال مكانها كموفر وحيد للخدمة. هذا يستدعي أن تكون للدولة قرارات تمنع ما يمكن أن يسيء إلى المواطن العادي، الذي يحاول أن يربط بين إمكاناته والمتطلبات اليومية التي تتزايد مع ارتفاع نسبة التضخم وزيادة الاستحقاقات الضريبية والخدمية. اهتمام الشركة بمسؤوليتها المجتمعية، وعلاقتها بالمستهلك يجب أن تعود للواقعية والبساطة والتفاعل المنطقي بحكم أنها تعد من الشركات شبه الحكومية.

 العمل الذي تبذله هذه الشركات في تجيير كل التكاليف إلى الفاتورة، غير مقبول. سبق أن طالب كثيرون الشركة بالتركيز على خفض التكاليف، وتحقيق المرونة العملياتية، خصوصا أنها تحصل على دعم غير محدود من الدولة على شكل قروض وتخفيضات كبرى في أسعار الوقود، إذا ليس أقل من أن تعيد الشركة النظر في تفاعلها مع المستهلك. عندما تربط الشركة زيادة الأسعار بزيادة التزامات أخرى على المستهلك، هي تستدعي علاقة متوترة مع المستهلك. 


الأمر الذي يجعلنا نطالب الشركة بأكثر من مجرد معيار يقيس لنا تكلفة الاستهلاك، فالغالب من المتأثرين بزيادة الأسعار سيصحون في الغد على الفاتورة التي ستنبئهم بوضعهم في الشتاء، ثم تأتي أشهر الصيف لتوقظ مزيدا من التذمر لدى المستهلك. ما يريده الناس من شركة كبرى كهذه هو تعديل الشرائح، بحيث تراعي المستهلك البسيط، وتبقى مسؤوليتها الأخرى المتعلقة بدعم المحتوى المحلي بواقعية، ومن ثم دعم الاقتصاد الوطني من خلال تخفيض تكاليف الاستهلاك على المنشآت الصغيرة والمتوسطة التي تهدف الدولة إلى دعمها ضمن "رؤية 2030".


بقلم: علي الجحلي - الاقتصادية