أسهل الطرق للنجاح في الحياة

لو قدر الله لي أن أعود إلى المدرسة وإلى زمن التطلعات لكي أحدد مسار حياتي من جديد لن أغير شيئاً من أهدافي. أنجزت بعض أهدافي بطريقة مميزة وأخرى لم تتحقق بالصورة التي رجوتها وفشلت تماماً في إنجاز الباقي. بعد تجربتي الطويلة مع الأعمال والحياة أستطيع القول إن الإنسان الفاشل لم يذهب ضحية اختياره لأهدافه. ذهب ضحية الطرائق التي اختارها للوصول إلى هذه الأهداف.

يأتي النجاح في لحظة مشرقة. لحظة أن نستلم شهادة التخرج بعد أربع أو خمس سنوات دراسة، أو نتلقى خطابا بالترقية من الإدارة أو نستلم شيكاً بالأرباح. هذه اللحظة هي مثار الإعجاب أو التقدير أو الحسد أو النميمة. لكن علينا أن نتذكر أن هذه اللحظة ليست وليدة ذاتها ولم تأت مصادفة. النجاحات التي نحققها ونفرح ببلوغها هي رحلة تراكمت إنجازاتها الصغيرة واحدة فوق الأخرى كمن يضع الطوب فوق بعضه. مشوار ممتد من مرحلة إلى أخرى. يتساءل الموظفون عن سبب ترقية فلان وهو لا يستحق. في المدرسة أيضاً كنا نتساءل يا سبحان الله كيف لفلان أن يأخذ الأول دائماً وهو من أغبى الطلبة. ثم نتبادل القصص التي تثبت غباءه. لا نعود أبداً إلى سيرته وسيرتنا في العام الدراسي. نفس النظرة التي نلقيها على زميلنا الذي ترقى فجأة. تتحاذف الاتهامات (واسطة معرفة تملق يقدم خدمات) إلخ ويتهم أيضاً بالغباء أيضاً.

الأعمال التي نؤديها في وقتها تكون مجزأة وصغيرة وبسيطة يستطيع أن ينجزها أي إنسان تم إعداده لها طالما أن ذكاءه أوصله إلى هذه الوظيفة. كل المصادر لإنجاز هذه الجزئية الصغيرة تكون في هذه المرحلة بين يديك. الطالب الذي يعود إلى البيت ويذاكر الدرس الذي تلقاه اليوم سوف يستوعبه. ما زال يتذكر القواعد التي سمعها من الأستاذ. لكن إذا أجل العمل تراكمت الجزئيات وتبعثرت مصادرها وتشوشت الذاكرة. عندما تتقدم إلى الاختبار أو تقدم المشروع للإدارة ستكتشف أن مشروع ناصر أكثر اكتمالاً من مشروعك. قد تكون أكثر خبرة من ناصر وأكثر علماً ولكن ناصر أنجزه على مهل، كل مرحلة في وقتها أما أنت فقد اضطررت أن تسلقه في آخر الوقت لضيق الوقت وتبعثر المصادر واختفاء بعضها.

حياتنا تقررها الأشياء الصغيرة التي ننجزها كل يوم بيومه. ليس فقط في مسألة الأعمال أو الدراسة ولكن أيضاً في علاقاتنا مع الأهل والأصدقاء وشؤوننا الخاصة.

الإنسان الفاشل هو الإنسان الذي يراكم الأعمال. يؤجل إنجازها إما بسبب ضعف همة أو استهتار أو استسهال. شعار الناجحين بسيط جداً تعلمناه في المرحلة الابتدائية: لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد.

بقلم: عبدالله بن بخيت - الرياض