تسليع المرأة

سمعت قبل عدة أيام رجلاً يعظ على اليوتيوب عن تسليع المرأة في الغرب. يشتكي من أن هذه الظاهرة بدأت تنتقل إلى عالمنا الإسلامي. ظننت أن هذا المصطلح تلاشى. قل دورانه حتى في أفواه عتاة الدعاة.

أكثر ما يلفت نظرك في مسألة تسليع المرأة الإعلانات. تشاهد امرأة في كامل زينتها تجلس على مقدمة سيارة أو تمسك في يدها مكنسة أو تقف أمام مطعم تتمايل بأنوثتها إلخ. قوة حضور المرأة في هذه الإعلانات تزيد المبيعات. هذا ما تقوله التجربة.

الإعلانات في نيويورك موجهة لسكان نيويورك والإعلانات في لندن موجهة لسكان لندن. ما تأثير هذه الإعلانات المزينة بامرأة جاذبة على الشاب في نيويورك إذا كان نفس الداعية هذا يؤكد أن المرأة في الغرب خلعت الحياء وصارت تخرج متبرجة عارية تعرض مفاتنها لمن يريد. ويشبه ذلك بـ (الحلوى المكشوفة). ما الذي يستفيده صاحب الإعلان أن يزين إعلانه بشيء مبتذل ومبعثر في الشوارع أمامه. الشيء الثاني أن هذه البضائع المعروضة زبائنها الرجال والنساء. المرأة لا تنجذب للمرأة إلا في حالات نادرة تتسم بالشذوذ. إعلان كهذا سوف يجعل المرأة الطبيعية تشمئز. إذا كان هدف الإعلان جذب الذكور فسوف يخسر نصف زبائنه.

عندما أتأمل في هذا المصطلح أشعر أن صاحبه ذا النية الحسنة وقع في فخ. لا يلاحظ أن الإعلانات تمتلئ أيضاً بالرجال حسني الطلعة. أن السيارة المعروضة التي تقف أمامها امرأة في كامل زينتها الانثوية يقف إلى جانبها رجل يتخذ وضعيه ذكورية ولكن صاحبنا الشيخ لم يشاهده.

إذا كان هذا الداعية يدافع عن المرأة من حيث هي إنسان فقد مال قلبه في الاتجاه الخطأ. حسب منطق التسليع ستكون الرياضة (كرة القدم) مثلاً أكبر سوق للنخاسة في العصر. يطلق المستفيدون عدداً من الشباب في ساحة يتصارعون فيما بينهم ويبيع الفرجة على الناس بفلوس. لا يختلف الأمر عن مصارعة الثيران في اسبانيا والديكة في الفلبين. المرأة التي تظهر في الإعلان تنتهي عملية تسليعها لحظة أن تخرج من الأستديو. اللاعب يبقى ملكاً للنادي وملاك النادي. يعتني به النادي كما يعتني بحصان السبق. يحق للنادي بيعه لنادي آخر بل إن حياته أصبحت مثل حياة السيارة لا تتحرك إلا ببوليصة تأمين. وفوق هذا يستخدم الرجل بالطريقة التي تستخدم بها المرأة. يبيعه النادي للشركات المعلنة وتستخدمه شركات الإعلان أيضاً. حسب مفهوم هؤلاء للتسليع أيهما أكثر تسليعاً الرجل أم المرأة؟

بقلم: عبدالله بن بخيت - الرياض