تعريفنا للخصوصية

من الطبيعي أن يكون لكل أمة "خصوصية" ولكن من غير الطبيعي أن تكون هذه الخصوصية عائقاً أمام التقدم والتطور والامتزاج ببقية الثقافات.. مشكلتنا مع "الخصوصية" أنها أصبحت شماعة أخطاء نرمي عليها فشلنا وعجزنا عن المنافسة.. سياجاً شائكاً لا يسمح بالامتزاج الحضاري ودخول الحلول وأسباب التطور.. نخفي خلفها عزلتنا وتأخرنا ــ ولولا أسبقية اليهود لادعينا أننا شعب الله المـختار (ولكننا في الحقيقة شعب الله المحــتار كما عـنونت كتابي الأخير)..

قبل فترة سألت الناس في تويتر عن تعريفهم للخصوصية.. كان بمثابة استفتاء انتهى بوصول 200 رد تراوحت بين الطرافة والقسوة والتوازن ولكن معظمها يدل على وعي وانفتاح يتبلور بالتدريج..

ومن التعريفات التي وردتني في تويتر:

الخصوصية مصطلح هلامي وضعه رموز الممانعة للحفاظ على مكتسباتهم..

حجة اخترعوها كي يمنعوا أموراً ما لها سند ديني..

هي العادة المتكررة حتى أصبحت لزاماً والاحتجاج بها جائز ما لم تخالف الشرع والعقل.

كذبة تم ترديدها حتى رسخت في العقول..

عذر أقبح من ذنب وهـالة وهم يصنعها الناقصون..

الذين (يحتجون بالخصوصية) هم الأكثر تناقضاً معها..

دعوة للتمسك بضيق الدنيا عن سعة الدنيا والآخرة..

مشكلة الخصوصية أنها تؤطر المجتمع رغم اختلاف ثقافاته وتقاليده.

معناها؛ نحن عكس كل المجتمعات الطبيعية.

مصطلح أصبح (رديفاً) للعادات والمجتمعات المغلقة.

كم هائل من القيود التي لولاها لأصبحنا من الدول المتقدمة..

حاجز صد لكل ما هو مضيء..

لــنا خصوصية والتطوير يجب أن يكون نابعاً من قيمنا ومعتقداتنا وليس "كوبي بيس"..

العادات والتقاليد الرافضة للتجديد..

كلمة اخترعها المتخلفون حتى يبقى المجتمع متخلفاً كما يريدون.

لا توجد خصوصية لمجتمعنا دون غيره وهي ثقافات شعوب لا أكثر..

لكل (مجتمع) خصوصية ولكننا أقحمناها في جميع قضايانا حتى فقدت قيمتها.

هي بدعة ككثير من البدع التي نعيشها.. استلهمها شياطين الإنس لتحقيق مآربهم..

ليس لنا خصوصية عن باقي المسلمين إلا أننا خدام لضيوف الرحمن..

والحقيقة هي أن مساحة المقال لا تسمح باستعراض المئتي رد (ولكنها ما تزال موجودة في تويتر).. القائمة السابقة مجرد نماذج تؤكد عـدم قبول الناس "للخصوصية" كوسيلة للتخلف والممانعة.. تؤكد رفضهم لعادات وتقاليد (ما أنزل الله بها من سلطان) أصبحت تكبلنا وتؤخرنا وتفصلنا عن العالم..

وأنا شخصيا أعتقد أن خصوصيتنا وهويتنا وتاريخنا هو ما نصنعه (هذه الأيام) بأيدينا.. تأملوا حـال الأمم اليوم لتكتشفوا أن أكثرها تقدماً هي التي تخلصت من خصوصية (الماضي) وبدأت تبني من اليوم خصوصية (المستقبل).. إن كانت لنا خصوصية حقيقية (دون بقية العالم) فلا يجب أن تشدنا للخلف أو تقيدنا بأعراف وأفكار ومفاهيم انتهى الغرض من وجودها..

ولا أخفي سعادتي بمستوى الوعي الذي لمسته في معظم الردود..


بقلم: فهد عامر الأحمدي - الرياض