صراع الأزمنة!..

عروبي من جيل الخمسينات والستينات، قرأ لمفكري القومية العربية والوحدة ومنظري اليسار، ماركس ومدرسته ولينين وحزبه، رجل شامل المعرفة في القصة والقصيدة والفنون الأدبية المختلفة، يكتب بحسه القومي، لم ينتم لأي فكر أحادي، ولكنه مثير بشخصيته المرحة وثباته على قناعاته العربية الوحدوية..

اتهمه التيار المحافظ بأنه «بعثي، شيوعي، ناصري» رد بأن هؤلاء جميعاً يتقاتلون في شوارع بغداد، فكيف أجمع بين مثل هؤلاء الخصوم، آخر رآه من جيل «عرب خيانات» الكلمة التركية التي ألصقت بالعرب بعد تحررهم من الحكم العثماني، أكثر المناوئين له، شيخ جليل دخل مكتبه ثائراً قال:

«لا يوجد قومية ولا عروبة، ولا وحدة، هناك أمة إسلامية واحدة وغير أصحابها أدعياء»! بهدوئه سأله.. ولكن كيف تصنف الأمة، وهي التي تتصل بأرض وتتكلم بلغة مشتركة وتراث وتاريخ واحد؟..
لم يتمالك الشيخ صبره قال.. «هذه شعارات استلفتموها من نصارى الغرب، الإسلام جمع كل الملل والنحل بدولة إسلامية، والتاريخ يشهد بذلك..

رد الأستاذ.. ولكن اللسان العربي عرّبهم، وبهذا الزمن الذي احتكرت به العالم قوتين "سابقا"، السوفيت، والغرب، لا مجال لنشوء إمبراطوريات أخرى؟.
بانفعال حاد، قال الشيخ: نستطيع إقامة الخلافة الإسلامية بقوة السلاح والمصحف وبما يقرب من مليار مسلم يتكاثرون على كل القارات هم قوة دفعنا إلى استرداد ما فقدناه، لأننا أمة مؤمنة، وغيرنا كفار؟..

رد الأستاذ: القوى العظمى تملك السلاح النووي، والتقليدي، وسلطة المال والحلفاء، حتى أنهم يستطيعون قلب الكرة الأرضية ثلاث عشرة مرة، دون أن يبقى أي مخلوق بسلاحهم النووي..

هذا وهْمٌ غسلوا أدمغتكم به، قوة الإيمان تغلب السلاح، ونحن عازمون على فك الحصار الذهني لشعوبنا من فرية الاستعمار، وأتباعه الذي أنت وأصحابك منهم!.
قال الأستاذ.. الأماني شيء والواقع شيء آخر، لكن سأسألك، كيف ستجمع شعب نيجريا متعدد الأعراق والقبائل واللغات، مع أرخبيل إندونيسيا أيضاً الذي يجمع ديانات وثقافات مختلفة، وهل سيقبل أي من الشعبين هذه الوحدة؟..

بنفس الحدة رد: جمعهم الإسلام قديماً، وفرضيات الفواصل التاريخية قد تصدق على أمم أخرى إلا المسلمين، أصحاب الحضارة والتاريخ..

رد الأستاذ: ماذا تقول بالشيخ الندوي؟

قال: أتمنى استتنساخ الملايين مثله حتى نعود لعصرنا الذهبي بفكر مثل هذا العلامة الرائد..

.. وماذا لو خطب ابن هذا الداعية ابنتك، هل تزوجه إياها؟!

أنت شيطان قومي، وما دخل هذه المصاهرة بوحدة المسلمين؟!

قال: برفضك هذا تدين نفسك، كيف لا تقبل زواجاً إسلاميا، وتدعي توحيد العالم الإسلامي؟ هنا ثار الشيخ يكيل كل اللعنات للأستاذ وسط قهقات الجميع!!..

بقلم: يوسف الكويليت - الرياض