هل اقتربت نهاية الخادمة في البيت السعودي

في فترة الثمانينات من القرن العشرين دخلت أول خادمة منزلنا. ما كنت أتصور حينها أن تصبح أساس البيت السعودي وعموده الفقري. لا ينافسها ويجاريها في هذه المكانة العظيمة إلا السائق. همش السائق الزوج والخادمة همشت الزوجة. كثير من الزوجات لا يعرفن ماذا يدور في مطبخهن أو غرف أطفالهن وفي بعض الأحيان لا تعرف الزوجة من غرفتها الشخصية سوى المخدة التي تلقي برأسها عليها. كان الرجل في السابق مسؤولاً عن شؤون البيت الخارجية والثقيلة فتخلى أكثر الرجال عن هذه المسؤولية.

نسمع من يقول من باب السخرية: مستعد أستغني عن زوجتي ولكن لا يمكن أن أستغني عن الخدامة. الخادمة هي كل شيء في البيت. الزوجة في بعض الأحيان ليست أكثر من ديكور وفي حالات أخرى كائن لا ينتج سوى الصراخ وتبديد الميزانية. وإذا كان هذا رأي الزوج في الخادمة فرأي الزوجة في السائق أعظم وأجل. لولا السائق لتعطلت الحياة في البيت. من سيحضر المقاضي ومن سيأخذ الأطفال للمدرسة والمستشفى ومن سيلبى طلبات الزوجة في التنقل من مول إلى آخر ومن سينتظرها عند أبواب الأعراس حتى آخر الليل ومن سيأخذ (العازة) لأختها في الطرف الآخر من المدينة.

بعد سنتين من اليوم حسبما أتوقع ستختفي ظاهرة السائق. سيتحمل كل عضو في العائلة مسؤولية نفسه الخارجية. بعكس الآخرين أتوقع أن يقل عدد السيارات في الشوارع لا أن يزيد كما يتوقع البعض. ستعرف الزوجة معنى أن تجوب المدينة بنفسك ومعنى الضغوط التي يعانيها من يقود سيارة. والأهم سيعود جزء مهم من البيت إلى إدارة أصحابه.

ما هو القرار القادم الذي نحتاجه ليزيل ظاهرة الخادمة من البيت.

خروج المرأة للعمل لا يمكن أن يكون سبباً في وجود الخادمة في البيت. بيوت الأميركان والأوروبيين والأستراليين والكنديين لا تعرف الخادمة المقيمة في البيت. وكما نعلم جميعاً فالخادمة في البيت السعودي لم تأت بسبب انشغالها بالعمل. بالعكس, دخلت الخادمة واستقرت في البيت السعودي عندما كانت المرأة السعودية في قمة بطالتها. إذا استبعدنا حجم البيت السعودي سنجد أن سبب وجود الخادمة في البيت السعودي سيكولوجي اجتماعي. الإنسان المهمش لا يجد ما يتفاخر به سوى تهميشه. خروج المرأة السعودية للعمل سوف يمنحها استقلالية وإحساساً بالذات ويرفع من درجة تقديرها لنفسها فلن تحتاج بعد ذلك إلى خادمة تتفاخر بها. أظن وأتمنى أن تختفي ظاهرة الخادمة في نفس الوقت الذي سوف تختفي فيه ظاهرة السائق من حياتنا ويعود الدفء ومعه الخصوصية إلى البيت السعودي.

بقلم: عبدالله بن بخيت - الرياض