صانع مسارنا السياسي..
«كسر احتكار السلاح» ارتبط بقوة الصانع البائع للمستورد حيث من يفرض شروطه من يملك هذا الإنتاج، وقد ظلت دول حلف الأطلسي حساسة لوصول أي رصاصة للمنطقة حتى لا تهدد أمن إسرائيل، ولهذه الأسباب تفوقت إسرائيل بدعم معلن وغير معلن من تلك الدول حتى وصلت إلى الاكتفاء الذاتي ببعض صناعاتها للأسلحة التقليدية حتى الوصول إلى النووية، بينما كان المنع على العرب جزءا من حرب طويلة عسكرية وسياسية وغيرهما..
كسر الاحتكار لأي سلعة إستراتيجية مثل الأسلحة والحواسيب وغيرهما لا تقتصر على دولة ما، لأن ذلك خاضع للمصالح المرتبطة بخدمة البلد الحليف أو النصير والصديق للظروف المتغيرة، وشهدنا كيف عطل الأطلسي سلاح شاه إيران بعد ثورة الخميني، وقبل ذلك عبدالناصر مع السلاح البريطاني والأمريكي واستبداله بالسوفيتي..
هذه الوقائع تعيدنا إلى الزيارة المهمة والتاريخية بما تعنيه حقائق أهدافها لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان لروسيا، وعقد عدة اتفاقات من أهمها على الإطلاق صفقات التسلح وتوطين صناعات عسكرية بالمملكة..
الهدف ليس سباق تسلح مع أي دولة، ولكنه نظرة أمنية تراعي سد الفجوات باحتياجاتها الآنية والمستقبلية، فمن يملك القوة باشتراطاتها المختلفة يملك حمايته، ثم إن الاعتماد على أكثر من مصدر سواء بالشرق أو الغرب يعني تحرير قرارك ومصالحك من أي نفوذ آخر، ولا يعني هذا التصرف الاستغناء عن دول مثل أوربا وأمريكا ظلت الممول الأساسي لكل قواتنا، وإنما الأمر مرتبط بمن يقدم التسهيلات والنوعية الأفضل، وهذا حق طبيعي تمارسه أي دولة ذات سيادة، والمعنى الآخر أن روسيا ليس لنا معها خصومات وثارات حروب تاريخية، وخلافاتنا معها يمكن التغلب عليها بالواقعية السياسية، وهذا ما مهد للزيارة الملكية بزيارات على مختلف المستويات وصلت إلى نتائج إيجابية، أزالت الخلافات ووضعت أسساً لتعاون مفتوح وغير مقيد أو مشروط من قبل أي دولة إلا في الحدود الضيقة..
لقد وضعنا أقدامنا على أكثر من عتبة في عالم اليوم المتقدم، ولم نذهب لأي دولة لاستجداء معونة أو عطف سياسي، أو تمثيل دور التابع، وهذا حررنا من أي تبعات في علاقاتنا الخارجية، ولولا المكاشفات الصريحة ما حصلنا على الاحترام المتبادل بين مختلف الدول، وحتى مع خصومنا بادرنا بفتح الصدور والأبواب حتى نلتقي على نقاط توافق تبعدنا عن تصعيد الأزمات، غير أن دولاً مثل إيران تريد تعميق الخلافات لا حلها بسبب عقدة التفوق العرقي ومشروع التوسع بالمنطقة.. وهذا غير مقبول لنا أو لمن يماثلنا بالمواقف، وعلى مبدأ أن الحروب طارئة، والسلام هو الثابت مازلنا على نفس مواقفنا الثابتة..
بقلم: يوسف الكويليت - الرياض