توطين الوظائف القيادية

يدعو العنوان العريض الذي طالبت فيه هيئة السياحة المنشآت السياحية لتوطين وظائفها القيادية إلى التأمل في القطاعات التي ما زالت لا تثق بقدرات المواطن القيادية. عندما نشر ديوان المراقبة العامة تقريره الخاص بتحفظه على تسليم الوظائف القيادية للأجانب القادمين بصفة مستشارين زادني ذلك رغبة في الحديث عن موضوع مقلق ومؤرق للجميع.

أول ما أؤكده هنا هو أن المواطن له كل الحقوق في وطنه، ولا يمكن أن نسمح لأي كائن بأن يأخذ مكانه، يدعو لهذا استغرابي من ترصد بعض الأجهزة الرقابية القياديين من أبناء الوطن ومحاولة التأثير على القرار العام الذي أعطاهم حقوقا هي في واقعها أقل مما يستحقونه لو عملوا في قطاعات أخرى أو كمستشارين أجانب.

حالة كثير من الأطباء لا تعدو كونها مؤشرا واضحا على انخفاض الثقة في القدرات القيادية الوطنية، الغريب أن كثيرا ممن يألمون لحالهم في مواقعهم الحالية كانوا في الأصل يواجهون نفس القدرات الوطنية بالرفض. خذوا الأمثلة من أطبائنا الذين يرأسون أقساما ويديرون مستشفيات في دول العالم بعد أن خرجوا خاليي الوفاض من الجهات التي ابتعثتهم في الأصل لتحصيل الشهادات العليا ثم تنكرت لهم، وفضلت الأجنبي عليهم.

مسؤولية القيادات في الوزارات والهيئات تستدعي أن نقف مع قياديي الوطن ونسلمهم أمور الأعمال التي يفهمونها ويستطيعون إدارتها بقدراتهم. ليس أبسط من التمثيل بالفنادق والمنتجعات والوجهات السياحية التي يعايش فيها المسؤول المواطن وثقافته ومعارفه كل من يأتي للتمتع والسياحة والاستجمام.

هذه الوظائف ذات الطابع الاجتماعي لا تستدعي قدرات في مجال الطاقة أو البحوث عالية الدقة، وإنما تتطلب الثقة وإعطاء المجال الكافي لإبراز القدرات. أذكر أنني شاهدت صورة لمجموعة إداريي أحد الفنادق الكبرى، يبدو أن إدارة الفندق خجلت من عدم وجود سعودي بين المجموعة فوضعت شخصا يلبس الثوب والشماغ ولا أدري هل هو فعلا مسؤول أو ما هو مسؤول عنه؟ الواضح أنه كان في الصف الثاني مساهما في تلوين الصورة.

الحكمة المعلومة لدى الجميع هي أن المدير الأجنبي لن يمنح المواطن الفرصة للظهور، وتحقيق نجاحات يصل صداها إلى القيادة العليا لأن هذا يعني فقدان الأجنبي وظيفته، وقد يكون من الطبيعي أن نطالب بتوطين وظائف الموارد البشرية بداية لتكون هي مركز الدعم للمواطن العامل في القطاع من ناحية التمكين والدفع للأمام من خلال التدريب والمساعدة وتقديم الحلول للقيادات الأعلى التي تهتم بالمواطن وتعطيه حقوقه.

بقلم: علي الجحلي - الاقتصادية