هل أجور لاعبي الكرة والفنانين سفاهة

قبل كم يوم تعاقد فريق سان جريمان الفرنسي مع اللاعب البرازيلي نيمار بمبلغ أربعين مليون يورو شهرياً. الشرط الجزائي الذي دفعه الفريق الفرنسي للفريق الإسباني (190 مليون يورو) يكفي لتأمين الطعام لدولة فقيرة كوسط أفريقيا عاماً كاملاً. هل صرف هذا المبلغ على لاعب كورة يشوبه السفه. هذ المبلغ الهائل يقودنا إلى سؤال. متى يحق لنا أن نقول إن التعاقد مع لاعب بهذا المبلغ أو ذاك بلغ درجة السفه.

عقود بعض اللاعبين السعوديين تجاوزت حسب علمي الثلاثين مليون ريال. في حال قارنا بين عقد أفضل لاعب سعودي وبين عقد نيمار سوف نرثي لحال اللاعب السعودي. هل معنى هذا أن صرف مبلغ ثلاثين مليون ريال على لاعب كورة يتصف بالمعقولية ويعصمنا من اتهامه بالسفه. لكن هذا المبلغ مهما بدا ضئيلاً أمام مبلغ نيمار يكفي لإطعام مدينة في دولة فقيرة مدة عام.

ثمة دول لا يتعدى عقد اللاعب فيها أكثر من مئة ألف ريال لكن في المقابل هناك لاجئون يكفيهم مبلغ المئة ألف لإطعامها مدة شهر كامل. هل نعتبر صرف المئة ألف على لاعب كورة سفاهة أيضاً. لاحظ كم تضاءل المبلغ ومع ذلك مازال سؤال السفه قائماً.

من أي زاوية ننظر للأمر. من أين نبدأ تعريف السفه؟ هل نبدأ من الجوع أي عدد الجوعى الذي يتوجب علينا إطعامهم أم من المبلغ الذي يصرف على اللاعب؟ السؤال بصورة أخرى. هل نقول: إن صرف أكثر من مئة ألف ريال على اللاعب يعد سفهاً أم أن نقول: إن المبلغ الذي يكفي لإطعام خمسة آلاف فقير هو الذي يحدد المبلغ الذي نصفه بالسفه. إذا اعتبرنا الحالة الأخيرة هي المعيار فنحن لا نولي أي اهتمام للفقراء إذا قل عددهم عن خمسة آلاف. هل سيقبل الضمير ذلك؟ كلما خفضنا المبلغ سنصدم بعدد من المحتاجين له.

حسب وجهة نظري هذا الجدل يقوم على الزيف. هدفه إثارة العواطف الساذجة عند الغوغاء. في حال إقرارك بمشروعية الربط بين المتع والفقر أو بين الصرف هنا والحاجة هناك سوف تصدم بذاتك. إذا نظرت للأمر بعدالة ستكتشف أن السفه موجود بكثافة في منزلك. كثير من ممتلكاتك يستحقها الفقراء أكثر منك. مهما كانت السيارة التي تملكها فثمة سيارة أقل منها سعراً تؤدي نفس الغرض. إذاً الثمن الذي دفعته في هذه السيارة يجب أن تصفه بالسفه. قس على ذلك المجالس وأدوات المطبخ والأسرة والملابس والعطورات والسياحة وكل شيء في حياتك.

كل من يصرخ قائلاً: لماذا يصرف على لاعبي الكورة هذه المبالغ ولدينا فقراء لا يملكون قوت يومهم. يكفي أن تنظر إلى جواله لتعرف هل هو ساذج أم دجال.

بقلم: عبدالله بن بخيت - الرياض