بقي طقس الجنوب.. لم يستثمر

لا أريد العودة كثيرا من حيث التاريخ حول ما كتبت عن "قدراتنا" السياحية بالمملكة؛ لأنني مؤمن بوجودها كثروة حقيقية، سواء بالحرمين الشريفين، أو سواحل البحر، أو الجزر، أو تعدد المناخ، أو التراث التاريخي الكبير سواء بمكة المكرمة أو المدينة ومدائن صالح، وجدة التاريخية، وسوق عكاظ، والرياض، والشرقية وخاصة الأحساء، فالمملكة تملك مقومات السياحة الحقيقية، ولكنها "غير مستثمرة" ولا تسهم بإيرادات تضخ للدولة أو تساهم بالناتج القومي الوطني إلا بنسب متدنية لا تصل حتى 3%، وهذا يعزز أننا نفتقد "ثروة" كبيرة ماليا ووظيفيا، وهي مسؤولية الجميع، فهيئة السياحة لا يمكن أن تلام كليا على ذلك، فهي ضمن أجهزة حكومية أخرى لها دورها، ولا يمكن أن تكون جهة واحدة مسؤولة.

نتفق أن قدراتنا السياحية "كبنية سياحية ومقوماتها" موجودة وثروة كبيرة، ولكن كل هذا لا يكفي، فيجب أن تستثمر وتطور، وأول ذلك هي البنية التحتية للسياحة أولها، مرونة القوانين وتسهيلاتها، والأمر الآخر "القبول الاجتماعي" للآخر والسائح فهم من يريد دخول المدن والعيش بها، وهذا يحتاج تعايشاً من قبلنا وقبولاً وترحيباً بهم، وهنا دور كبير يجب العمل عليه بتقبل الآخر، ومن المهم تكامل بنية تحتية من خلال وسائل النقل المتعددة خيارات واسعة وهذا غير متاح لليوم، فالسائح دوماً يبحث عن التسهيلات والخدمات المتوفرة بأقل الأسعار، والمهم أيضا توفر وسائل السكن بتنوع، ووسائل الترفيه، والأسواق المناسبة، فالسياحة ليست فقط طقساً بارداً، ونلاحظ دولاً عديدة لا يقارن طقسها مثلاًِ بالمنطقة الجنوبية بالمملكة في منتصف يوليو وأغسطس أشد الشهور حرارة، ولكن ماهي الخدمات المتوفرة من نقل وسكن وترفيه وغيره؟ وهي رهان آخر كبير بالمنطقة الجنوبية تحتاج لاستثمار آخر منفصل على غرار "المشروع السياحي للبحر الأحمر" الذي أطلق، فالمنطقة الجنوبية تحتاج إلى بنية تحتية ومدن سياحية وخدمات متكاملة ومطار دولي يتناسب مع مستقبل المنطقة.

لدينا مشروع البحر الذي أطلق، ونتوقع منه الكثير ليعكس انفتاحاً مهماً سياحياً، وينعكس على كل المملكة أيضا، سواء السياحة الدينية للحرمين، أو المنطقة الجنوبية الضخمة المساحة والطقس الذي هو ثروة لم تستثمر برأيي حتى الآن، فهي سياحة اجتهادية غير مؤسسية، وتحتاج الكثير والكثير، وأيضا منطقة الشرقية، والأحساء خصوصا وهذه تحتاج موضوعاً منفصلاً كلياً.

بقلم: راشد محمد الفوزان - الرياض