نصيحة طبية لوزارة الصحة

كمية النصائح الطبية التي وصلتني في الواتس اب خلال السنتين الماضيتين أكثر من مجموع النصائح التي سمعتها منذ يوم مولدي. نصائح في كل مسألة طبية. في القلب والأعصاب والباطنية والتغذية والجمال وتقليم الأظافر ولبس المخيط ومس الحيوان ولا أفشي سرا إذا قلت إن كثيرا منها يتعلق بتقوية الباءة. معظمها تأتي في صورة احترافية أو أن صاحبها يدعي أنه دكتور مختص. قراري دائما تجاهل هذه النصائح ولكن هذا القرار يواجه بعض الإخفاقات. لا يمكن أن تتجاهل شيئا يمس صميم حياتك. من حسن الحظ أن كثرتها وتنوعها وسرعة تدفقها في السوشل ميديا سيقلل من تحولها إلى حقائق شعبية. كما حدث مع الثوم والعلاج بالإبر الصينية والتداوي بالعسل... الخ.

هذا النوع من النصائح يضر بالناس لا شك. بعض الناس يعاني من أمراض صعبة يبحث عن قشة يتمسك بها وبعضهم جاهل. سيطرة هذا النوع من النصائح سيقود إلى مشاكل صحية وفي نفس الوقت يضغط على النظام الطبي في المملكة. مريض بالتهاب بسيط ربما تحوله هذه النصائح إلى مريض مزمن. يثقل على نفسه ويستهلك ميزانية البلاد.

الأطباء يعرفون قصصا كثيرة تحولت من مرض قابل للعلاج إلى مرض خطير بسبب هذه النصائح وغيرها. المصيبة لا أحد يستطيع أن يوقف هذا السيل العرمرم. بعض الناس يصدر أي شيء يصله إلى المجاميع الأخرى. الحل المناسب أن تدخل وزارة الصحة وهيئة الغذاء والدواء منافسا في انتاج هذه النصائح الطبية.

في الماضي ما كان ثمة اتصال بين وزارة الصحة وبين الناس سوى القنوات الرسمية كالتلفزيون أو الجرائد. قنوات مثل هذه لا تصلح أن تكون منبرا للنصائح والتوجيهات علاوة على كلفتها. اليوم تستطيع أن تنشئ وزارة الصحة قناة على اليوتيوب. تدار بطريقة احترافية وسيتكفل الناس بنشر منتجاته إذا كان المحتوى جادا وسهل الفهم. كلنا يؤمن أن نصف العلاج يبدأ من الوقاية. التواصل المستمر بين السلطات الصحية وبين الناس سيدحض الإشاعات ويؤسس لوعي حقيقي. تتبع عادات الناس الصحية السيئة ومحاربتها بالتواصل.

أتذكر أن وزارة الصحة قامت بشيء من هذا قبل سنوات ولكني نسيت تفاصيله. نلاحظ هذه الأيام أن هناك إعادة هيكلة لوزارة الصحة وقرارات استراتيجية تتخذ. في النهاية الهدف تقليل الكلفة ورفع الكفاءة. تخفيض ميزانية وزارة يمكن أن يتم عبر توعية الناس ايضا. سيكون أفضل من أي هيكلة. ربما يخفض نصف ميزانية وزارة الصحة.

الجهل بأهم الحقائق الطبية بجانب هذا السيل من النصائح المنفلتة سوف يزيد من معانة الناس ومشاكل وزارة الصحة. لا أظن أن كلفة إنشاء قنوات على التواصل الاجتماعي كبيرة. ومهما كانت الكلفة لن تصل إلى كلفة الجهل إذا سانده التجهيل بالنصائح المضللة.

بقلم: عبدالله بن بخيت - الرياض