أعمار الوافدين

يذكر لي أحد أساتذة الجامعات، أن حالة التقاعد تكاد تكون غير موجودة في اليابان. هناك يتم عرض وظائف بساعات أقل لمن تجاوزوا سن التقاعد. يسمح لهم هذا بممارسة عمل يستفيد منه المجتمع، ويبقى المتقاعد على تواصل. غني عن القول إن هذا الأسلوب حقق مزايا أخرى؛ 

حيث تنخفض نسبة أمراض الشيخوخة، وترتفع سن الوفاة لتصل إلى واحدة من أعلى النسب في العالم وهي ما يقارب 87 سنة، وهو أعلى معدل في الدول الصناعية. ويمكن ملاحظة النظرية نفسها في كثير من مؤسسات الفكر والبحث والاستشارات في أغلب دول العالم المتحضر. تذكرت هذه المعلومة عندما قرأت عن تنفيذ وزارة العمل دراسة جادة تستهدف التعرف على طبيعة الأعمال التي يقوم بها الأجانب ممن هم دون الـ20 سنة ومن تعدوا الـ65. 

هذه الدراسة مبنية على إحصاءات قدمتها الهيئة العامة للإحصاء، وهي قد تكون بحاجة إلى المراجعة؛ نظرا لصعوبة التأكد منها، خصوصا لمن هم دون سن العمل في المملكة. يهمني في المجال من تخطوا سن 65 وما زالوا يعملون في البلاد، وهؤلاء يغلب الطابع الاستشاري على الأعمال التي يمارسونها. نظرة كهذه تستدعي أن نراجع أعداد المتقاعدين السعوديين من القطاعات الحكومية والقطاع الخاص لنوجد قاعدة بيانات بتخصصات وقدرات ومهارات هؤلاء. 

يدفعني لهذا ارتفاع نسب التقاعد خلال السنوات الأخيرة في فئات مهمة وذات قيمة عالية سواء في التخصصات أو نوعية التعليم أو الخبرات المكتسبة. كثير ممن أحيلوا إلى التقاعد ما زالوا قادرين على العطاء، وليس ضروريا أن يبقوا على السلالم الوظيفية ليحرموا غيرهم من الترقيات، لكن الضرورة تستدعي أن نقف معهم، ونعطيهم الفرصة التي تتاح حاليا لكثير من الأجانب الذين يرفضون مغادرة الوظيفة بحكم مزايا كثيرة يحصلون عليها في المملكة. 

سبق أن كتبت عن مجال التدريب المهني والإداري والاستشاري، وهذا المجال فيه الكثير من الخبرات التي يمكن الاستفادة منها، إذا حصرت تصاريح التدريب على السعوديين خصوصا في المجالات التي يمكن أن نجد قادرين على شغلها ممن هم متقاعدون أو حتى على رأس العمل. يجب أن يفتح مجال الاستشارات وإعداد الدراسات والأعمال التنفيذية ذات الطابع التخصصي، بما يناسب احتياج القطاع الحكومي والشركات لمن هم فوق سن الـ65 بساعات عمل أقل وأكثر تركيزا في المردود. وهذا من أقل ما يمكن أن نقدمه للقادرين على العطاء وأصحاب الفكر والعلم من أبناء البلاد.

بقلم: علي الجحلي - الاقتصادية