حفظ النعمة

تتحدث التقارير عن كميات هائلة من الطعام الذي يرمى في المملكة، وهو ما يؤلم كل من يشاهد رغم مشاركتنا جميعا في هذا الهدر الخطير. عندما شاهدت تقرير وزارة الزراعة عن كميات الغذاء المهدرة التي وصلت مئات الأطنان، تأكد لي أن هناك حاجة ماسة إلى اتخاذ إجراءات وقائية تحمينا من غضب الله والوقوع ضمن قائمة من يكفرون النعمة، والواضح أن هناك كثيرا منا ضمن القائمة الآن.

تكونت جمعيات عديدة لحفظ النعمة وانتشرت المكاتب في كل مدينة وقرية مع نشاط عال في مناطق ومحدود في مواقع أخرى، لكن القضية تتضخم حسب الإحصائيات التي تؤكد ارتفاع نسبة الفوائض التي تدخل ضمن المهملات بما يعادل 7 في المائة على أساس سنوي.

يمكن أن نعزو بعض التراجع في أداء جمعيات حفظ النعمة إلى الإجراءات التي تستخدمها، إضافة إلى عدم وجود بوتقة شاملة تجمع المهتمين وتسمح لهم بتداول الرأي والاستفادة من الخبرات، وهو أمر يمكن أن تتبناه وزارتا الشؤون الاجتماعية والزراعة. هنا يمكن أن نحقق فتوحا مهمة في طريقة التعامل مع الفوائض بما يجعل الجمعيات قابلة للنمو والتقدم والوقوف على أقدامها من خلال تحويلها إلى منظومات مؤسسية ناجحة.

يأتي دور مهم لوزارة التجارة بالتعاون مع هيئة السياحة، حيث تبلغ الفوائض المهدرة من الغذاء في المطاعم والفنادق نسبا عالية، أشاهدها لكنني لم أر ذكرا لها في الإحصائيات التي وصلتني. هذه الكميات الكبيرة يمكن أن تعيش عليها عائلات كثيرة في كل المدن، علما أنها ترمى وهو أمر جد خطير.

ذكر لي أحد المهتمين أنه تحدث مع عمال أحد المطاعم التي تقدم بوفيهات الإفطار في فنادق مكة المكرمة، وسألهم عن فوائض الطعام التي تبقى بنسب كبيرة كل يوم، أكد له عندها مسؤول الصالة أنها ترمى في النفايات، وهذه والله مشكلة كبرى يمكن حلها بشكل فوري، حين نعلم أن الفنادق الموجودة في المنطقة المركزية تتجاوز الـ50 ويمكن أن تتعاون مع جمعيات حفظ النعمة لإيصال الطعام لفقراء الحرم، وفي ذلك فضل وأجر كبير.

يمكن أن تعمل هذه الوزارات مجتمعة على تكوين منظومة متكاملة تسهم كذلك في منع إهدار النعم التي تمارس في البيوت وهي المشكلة الكبرى. هناك تشريعات يمكن سنها لضمان إيقاف هذا الهدر الخطير قد أتطرق إليها مستقبلا... والله الموفق.

بقلم: علي الجحلي - الاقتصادية