أسباب ارتفاع معدلات #الولادة_القيصرية بالمملكة

طفل رضيع

الرياض: يومًا بعد يوم يرتفع معدل الولادة القيصرية بالمملكة حتى وصل إلى نحو ضعف المعدل الطبيعي الذي أقرته منظمة الصحة العالمية.

وفي هذا التحقيق نكشف سر هذا الارتفاع المطرد، الذي حوَّل الولادة القيصرية من استثناء له أسبابه الملحة إلى "تجارة مربحة".

وسجّلت الولادات القيصرية بالمملكة ارتفاعًا خلال عام 2015، بنسبة 67%، مقارنة مع العام الذي قبله، الذي شهد هو الآخر ارتفاعًا في هذه النوعية من الولادات بمقدار 45% عن العام الذي قبله.

وفي تقرير صادر عن وزارة الصحة مؤخرًا، فإن عدد الولادات التي تمت في مستشفيات الوزارة بالمملكة بلغ 262 ألفًا و173 ولادة، تنقسم إلى 187 ألفًا و17 ولادة طبيعية بنسبة 71.3% وغير الطبيعية 75 ألفًا و156 تشكل 27%، وغالبًا ما تندرج تحتها العمليات القيصرية.

وتصدرت منطقة مكة المكرمة حالات الولادات القيصرية، بنسبة 39%، ثم القريات بنسبة 18%، بينما سجلت المنطقة الشرقية 6.849 قيصرية، بحسب التقرير.

تجارة؟.. أم ضرورة؟

وفي الوقت الذي يُرجع فيه بعض الأطباء بالمملكة السبب إلى كسل الحوامل أثناء فترة الحمل وقلة الحركة والسير مما يؤدي للحاجة للجراحة القيصرية، يشجع أطباء آخرون النساء على الولادة القيصرية بعد أن تحول الأمر إلى تجارة، حيث تتراوح أسعار العمليات بين 10 إلى 15 آلاف ريال في أغلب المستشفيات الخاصة.

وقال مدرس واستشاري أمراض النساء والتوليد والعقم بجامعة القاهرة المصرية الدكتور عمرو حسن: إن من الأسباب الرئيسية لارتفاع معدلات الولادة القيصرية خوف النساء من ألم الولادة الطبيعية، وهواجسهن بشأن خطورتها على حياتهن وحياة الجنين، معتقِدات أن الولادة القيصرية هي الأسهل والأسلم.

ونفى دكتور عمرو حسن صحة هذه الهواجس، قائلا: إن الفطرة هي الولادة الطبيعية لكونها الأفضل لصحة الأم والمولود إلا إذا اقتضت الضرورة غير ذلك.

وحدد حسن الحالات التي تتطلب ولادة قيصرية فيما إذا خضعت الأم لعملية قيصرية سابقة أكثر من مرة مما يشكل خطورة أثناء الولادة الطبيعية، وفي حالة إجراء جراحة سابقة للرحم لإزالة أورام أو غيره.

كما تتطلب بعض حالات التوائم ولادة قيصرية، وإذا كان حجم الطفل كبيرًا أو كانت المشيمة منخفضة جدًّا في الرحم بحيث تغطي عنق الرحم، وفي حالات تشوه الأجنة أو إذا كانت الأم مصابة بفيروس نقص المناعة (إيدز)، وغيرها من الموانع الطبية التي قد يرى الطبيب أنها تشكل خطورة على حياة الأم في حالة الولادة الطبيعية.

وعلى الرغم من أن الولادة القيصرية تقلل عدد ساعات المخاض، إلا أنها ليست أقل إيلامًا من الطبيعية كما يقول استشاري النساء والتوليد، موضحًا أن الألم يبدأ فور أن تفيق الأم من التخدير ويستمر لعدة أيام تالية بعكس الولادة الطبيعية التي لا تشعر الأم فيها بالألم إلا وقت المخاض.

وقال: إن من الأسباب التي تزيد من العمليات القيصرية عدم ممارسة الحوامل للرياضة، مما يجعل عضلات البطن والحوض ضعيفة لا تحتمل الولادة الطبيعية.

مخاطر الولادة القيصرية

وحذر حسن من عدة مشكلات قد تتعرض لها الأم أو الجنين نتيجة للولادة القيصرية، منها عدم القدرة على الإرضاع بسبب الألم الذي تعاني منه الأم بعدها، مشيرًا إلى أن هناك ارتباطًا ملحوظًا بين الولادة القيصرية وعدم الرضاعة الطبيعية.

وقال: إن لبن الأم بعد الولادة مباشرة له قيمة غذائية عالية تساعد في الوقاية من الأمراض المعدية، ويساعد على بناء الجسم، حيث يحتوي على الأجسام المضادة لبعض الأمراض المعدية والأحماض الأمينية التي تساعد في نمو المخ والجهاز العصبي.

وأضاف، أن لبن الأم يقي الطفل من الإصابة بالإسهال لأنه غير ملوث، كما أن درجة حرارته تناسب الطفل، وسهل الهضم والامتصاص، ويساعد الطفل في النوم الهادئ.

وأشارت دراسة أمريكية حديثة إلى أن الولادة القيصرية تسبب تغيير معدل الجرثومة المعوية لدى المواليد الجدد والتي تؤدي إلى ظهور أمراض مثل الربو والحساسية والبدانة.

كما تشير الدراسات إلى أن 83% من النساء يتعرضن لالتصاقات في المعدة بعد إجراء ثلاث عمليات قيصرية، وقال دكتور عمرو حسن إن الالتصاقات تحدث في منطقة البطن، وقد تؤدي لمشاكل في الخصوبة نظرًا لضغطها على قنوات فالوب وربما تغلقها.

كما تصاب العديد من النساء بالتهابات المعدة بعد الولادة القيصرية. ومن المخاطر التي تتشارك فيها جميع العمليات الجراحية الجلطة الدموية.

نصائح لولادة طبيعية أسهل

وقدم استشاري النساء والتوليد في جامعة الزقازيق المصرية دكتور عمرو عبد المحسن مجموعة من النصائح التي تساعد الحوامل في الولادة الطبيعية بشكل أيسر، وفي مقدمتها ممارسة الرياضة بانتظام طوال فترة الحمل، قائلا إن قلة الحركة والنشاط يقلل من القدرة على احتمال الألم، مما يزيد من احتمالات الولادة القيصرية.

ونصح النساء بالاستعانة بالتطور الطبي فيما يخص تخفيف آلام الولادة، وأن تطلب من الطبيب أن تجري عملية "ولادة بدون ألم" لتخفيف آلام الطلق في حالة خوفها من الولادة الطبيعية لهذا السبب.

كما نصح السيدة بأن تلد في مستشفى طبي مجهز بالوسائل الحديثة وأجهزة قياس نبض الجنين، قائلا إن عدم توافر هذه الأجهزة في بعض المستشفيات يجعل الطبيب يقرر الولادة القيصرية لأنه بدونها لن يستطيع متابعة نبض الجنين أثناء عملية الولادة والتعامل مع أي ارتفاع أو انخفاض مفاجئ في النبض.

ومن النصائح الهامة أيضًا التي يقدمها الأطباء لتسهيل عملية الولادة الطبيعية محاولة الاسترخاء عن طريق تمارين التنفس وتجنب التوتر الذي يرفع مستوى الأدرنالين في الجسم، وهو ما يمنع الطلق.

ويمكن للحامل أن تستعين بالمنشطات الرحمية الآمنة مثل الشاي وأوراق التوت البري لتنشيط عضلات الرحم وتقويتها أثناء الولادة الطبيعية وكذلك منقوع الزعتر واليانسون والمرمرية والحلبة والعسل الأسود والقرفة وتيسر هذه المشروبات من الولادة وتخفف من آلامها وتعمل على تسريع الطلق.

كما ينصح الأطباء الحوامل بتدليك الحلمتين ما بين 20 إلى 40 دقيقة يوميا، لإفراز الهرمونات التي تسرع من الطلق وتيسر الولادة.

ومن النصائح الهامة أيضًا المشي فهو ينشط الجنين ليدفع رأسه نحو الحوض وعنق الرحم.