رؤيتنا للمستقبل

في أي حديث عن رؤية 2030 نجد أنفسنا نتخذ مسارين.. الفكرة والتطبيق..

فأي مشروع يبدأ أولاً بوضع خطة (ثـم) توفير الإمكانات المادية والإدارية لتطبيقه على أرض الواقع.. حين تقرر بـناء منزلك الجديد تـبدأ أولاً بوضع الخطط (مستعيناً بأهل الخبرة والاختصاص) ثم تبدأ التـنفـيذ بحسب المخططات التي رسمتها.. قد تكون مخططاتك جميلة (على الورق) ولكن التنفيذ نفسه قـد ينتهي بشكل سيئ أو ناقص ــ أو في أفضل الأحوال متأخراً عن موعـده..

ورؤيتنا الوطنية من حيث "الفكرة" رائعة وضرورية ويفترض أن يتبناها الجميع.. فـجميعنا يريد الوصول لمستوى الطموحات والأرقام التي وضعتها، وجميعنا يتمنى أن يعيش أبناؤه - وأحفاده من بعده - في وطن متقدم ومجتمع منتج واقتصاد ينافس الكبار..

أما بخصوص التطبيق، فمن المبكر الحديث عن ما تم إنجازه.. رغـم قناعتي بعدم وجود شيء فوق النقـد (أو استثناء أي مشروع وطني من الفحص والمراجعة) يصعب علينا تقييم رؤيتنا الوطنية في الوقت الحالي.. لا أعرف فعلاً أن كنا سننجح في تنفيذها بشكل كامل أو سليم، ولكنني أعرف جيداً أهمية امتلاكنا خارطة طريق تقودنا نحو المستقبل..

المطمئن فعلاً أن هناك مؤشرات إيجابية تشــي في أي اتجاه نسير.. حين نتأمل مثلاً حجم المشروعات الاستثمارية التي تم الإعلان عنها، وحين نراجع عدد الاتفاقيات الاقتصادية التي وقعت مع الشركات والكيانات العالمية.. وحين نتأمل ما تم تحقيقه في برنامج التوازن المالي الهادف لتقليص اعتمادنا على النفط.. وحين نتأمل كيف أقـلمت وزاراتنا خططها مع محاور الرؤية؛ نستبشر خـيراً، ونتوقع تقدماً، ونـتمنى استمرار الزخـم..

أعرف أن البعض سينظر لأصبعي فقط، ولكنني شخصياً من أكبر المؤيدين لوجود رؤية وطنية واضحة تقودنا نحو المستقبل.. على قناعة تامة بأهمية ذلك لأنني رأيت نتائج تطبيق "الرؤى الوطنية" في نهضة كوريا الجنوبية وتايوان وسنغافورة والصين ـ بل وحتى ماليزيا التي حققت قفزات كبيرة بفضل رؤية مماثلة وضعها مهاتير محمد (تنتهي 2020)..

أتمنى فـقـط أن نملك - مثلهم - نفساً طويلاً وتستمر رؤيتنا الوطنية بنفس القوة والزخم .. أتمنى أن يـتبناها الجميع كمشروع وطني يهمنا حتى على المستوى الشخصي.. أن نضمن استمراريتها كـمشروع (طويل الأمد) يتجاوز تغـير المسؤولين، وتبدل المناصب، وروح المصادرة..

صحيح أننا قـد نتعثر، وقـد نتأخر، وقد نعاني من بعض الآثار الجانبية؛ ولكن كل هذا يظل أفضل من سيرنا نحو المستقبل هائمين على وجوهنا بغير هـدى ولا خارطة طريق (أَفَـمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْـدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسـْتَقِـيمٍ)...

بقلم: فهد عامر الأحمدي - الرياض