أفكارك ليست حرة كما تعتقد

نعتقد أنـنا أحرار في قراراتنا وآرائنا وأفكارنا.. نعتقد أننا بمنأى عن الميول والتحيز والضغوط والتصورات المسبقة.. ولكن الحقيقة هي أن أفكارنا وقراراتنا تتأثر بضغوط وميول داخلية (خفية ولا واعية) تنبع من صميم ذاتنا وتركيبتنا العصبية والذهنية..

فنحن على سبيل المثال:

نميل لا تخاذ قرارات سبق لنا تجربتها (ولهذا السبب نميل للسفر لوجهة نعرفها بدل الذهاب لوجهة لا نعرفها).

ونميل لإخفاء آرائنا الفردية التي لا تتفق مع الناس حولنا (وجرب الاعتراض على قصة تلبس تقال في أي مجلس).

كما نميل لتوظيف واستشارة الذين نعرفهم ونرتاح لوجودهم (مقابل عزوفنا عمن لا تربطنا معهم علاقة شخصية).

ونميل لاختيار أول مايعرض علينا (كأن يعرض عليك الجرسون مجموعة نكهات، فتختار أول شيء سمعته).

ونميل لاختيار ما نتذكره فقط رغم علمنا بوجود خيارات كثيرة أخرى (نسيناها بكل بساطة).

ونميل لفهم وتبني أول وأقدم معلومة سبقت لأذهاننا (بل ومحاولة تصحيحها حتى بعد ثبات خطئها).

ونميل لتصديق وتبني المفاهيم التي تتكرر أمامنا كثيراً (وهذا سبب تصديقنا وتبنينا لخرافات سمعناها منذ الطفولة).

كما نكتفي بالمعتقدات التي سمعناها قبل غيرها في طفولتنا (ولهذا يلتزم 99% من الناس بالديانات التي ولدوا فيها)

كما نميل للاستخفاف بالنتائج الجديدة (خصوصاً المخالفة لآرائنا) مقارنة بالنتائج القديمة التي ترسخت لدينا.

ونميل لرفض الآراء التي تنسف جهودنا المضنية (كأن ندافع بقوة عن تخصصنا أو وظيفتنا رغم علمنا بتواضعها).

ونميل للمبالغة في تقدير أجزاء صغيرة وتافهة (ضمن إنجاز كبير) لأنها كانت ذات يوم كبيرة ومعيقة لنا.

كما نميل لافتراض سلبيات نادرة واستثناءات لإثبات مواقفنا (كاحتمال فساد المرأة حين تقود سيارة).

ونميل لتقييم الآخرين بحسب آخر مرحلة وصلت إليه خبراتنا ومعارفنا (ولكن من الخطأ أن يقارن الأب نفسه مع ابنه متجاهلاً فارق السن).

وكلما كبرنا في السن، نميل للاعتقاد بأن المجتمع يسير للانحدار وأن الماضي كان أفضل بكثير (وهو ما يذكرني بوثيقة فرعونية كتبت قبل ثلاث آلاف عام تتذمر من انحدار الجيل الحالي).

ونميل للقراءة (والبحث فقط عن) المعلومات والأفكار التي تتوافق مع أفكارنا ومعتقداتنا (وهو ما يتسبب بجهلنا ببقية الآراء).

ونميل لتصديق أشياء سخيفة وغير معقولة لمجرد أن الناس حولنا يصدقون بها (إذا لا يعقل من وجهة نظرك أن يكون الجميع على خطأ وأنت الوحيد على صواب).

وكما نميل لتقبل آراء الأشخاص الأكبر قدراً ومنزلة، وعدم تقبل آراء وأفكار الأشخاص الأقل منا قدراً ومنزلة.

وأخيرا:

نميل للقرارات التي تتجاوب مع مشاعرنا الآنـية، أو تلبي احتياجاتنا النفسية والجسدية.. وحتى مقال الغـد أبحث في النت عن مقال يتحدث عن هذه الجزئية بالتفصيل بعنوان "كيف تؤثر رغباتنا على قراراتنا"...

بقلم: فهد عامر الأحمدي - الرياض