أبشع تعاطف في التاريخ

أسوأ مساعدة تقدمها امرأة متزوجة لأخرى غير متزوجة أن تمدحها وتجرحها معا عندما تلقي على مسامعها عبارات على شاكلة: "لا ينقصك سوى زوج لتكتملي". أو"أستغرب امرأة بجمالك وتميزك ولم تتزوج بعد".

أولا، خلقها الله كاملة لا تحتاج إلى استكمال، وثانيا، أنت لا تسعدينها بهذه الطريقة، بل تضايقينها وتكدرين خاطرها. من يحب يدع للطرف الآخر بظهر الغيب. الفتاة التي تأخرت عن الزواج لا تستحق إيذاءها بتعداد مزاياها وإبداء التعجب إزاء عدم زواجها. فالزواج من عدمه توفيق من الله سبحانه وتعالى، والمرأة تحديدا في مجتمعاتنا دورها محدود في الزواج، فهي تنتظر نصيبها، فليست المسؤولة الأولى عن عدم ارتباطها. وتكرار هذا الموضوع أمامها بشكل مباشر وغير مباشر فيه خدش لمشاعرها، والمرأة بطبعها رقيقة ولا تستحق أن نوجعها بكلماتنا التي نذرفها باستهتار ورعونة.

وهناك من تحاول أن تتعاطف مع المرأة غير المتزوجة عندما تقول لها: "احمدي ربك؛ لأنك لست متزوجة وإلا كان شقيتِي مع هؤلاء الأطفال". وهي تشير إلى أطفالها بسبابتها بامتعاض.

أعتبر هذا التعاطف أبشع تعاطف يمكن أن يقدم عليه إنسان على وجه الأرض، فهذه الأم التي يرثي حالها وتشكو أطفالها لو انتزعنا طفلا منها لهرمت وزهدت في الحياة في لحظات.

كل ما أتمناه مني ومن الجميع ألا نقسو على نسائنا غير المتزوجات بالحديث عن ضعف نظر الرجال، وعدم التفاتهم إليهن، وإنما بالكف عن هذا الحديث البائس أمامهن.
هناك مواضيع عظيمة نستطيع أن نفتحها معهن خارج إطار هذا الموضوع الذي يكاد أن يكون الموضوع الأكثر إزعاجا لكثير منهن.

لا شك أنني ألوم كل إنسان يفتح هذا الموضوع أمامهن، لكن ألوم أكثر الأمهات والآباء الذين جعلوا من موضوع زواج بناتهم من عدمه مقياسا لنجاحهن.
ابنتك عظيمة وثمينة ورائعة تزوجت أم لم تتزوج، عبِّروا عن محبتكم لهن قولا وفعلا، دعما وتشجيعا.

تستمد الفتاة قوتها وثقتها وطموحها - بعد توفيق الله - من دعم أبيها وأمها. الزواج ليس ما يجعل المرأة أكثر بريقا بل دعم الوالدين.

بقلم: عبدالله المغلوث - الاقتصادية