القمة الخليجية 37 التي استضافتها المنامة أمس، مرة أخرى يتداول في الوسط الإعلامي والخليجي موضوع "الوحدة النقدية الخليجية" ككل مرة يتم التطرق لها، وهو عنوان جميل أن يكون هناك عملة خليجية واحدة تربط كل دول المجلس لهدف اقتصادي حقيقي لا غيره، السؤال هو الآن، هل نحن جاهزون كدول مجلس لكي تصدر عملة خليجية موحدة؟ والسؤال الآخر هل هي ضرورية أن تصدر عملة خليجية واحدة؟ برأيي الشخصي القابل للخطأ والنقاش، ومن خلال رؤية اقتصادية خالصة، أن دول المجلس اليوم غير جاهزة لعملة خليجية موحدة، وليست ضرورية لدرجة أن تكون وكأنها خيار إستراتيجي اليوم للتطبيق، هذا غير دقيق، باعتبار أن المعطيات الاقتصادية هي مختلفة كلياً وأن اقتصاد كل دولة مختلف ومتباين بين دول المجلس، والتجانس في دول المجلس لا يعني مصدر الدخل فقط، فالمعطيات الاقتصادية للتجانس الاقتصادي تعتمد على قواعد وأسس مختلفة كلياً، كمثال السياسات المالية النقدية، مستوى التضخم، البطالة، الميزان التجاري، مستويات الدين العام، الاستثمارات، وغيرها من المعطيات الاقتصادية التي لا نجد فيها تناغماً أو توازناً بين دول المجلس حتى اليوم، وحتى أن بعض دول المجلس أجلت أو لم تفضل الانضمام للعملة الموحدة لأسبابها.

يجب أن نتعظ ونرى التجربة الأوروبية "اليورو" الذي أصبح الآن بصورته العامة عبئاً على بعض أو معظم الدول الأوربية، فارتفاع اليورو حجم من عمليات التصدير، والوحدة الاقتصادية فتحت باب الهجرة بين الدول الأقل اقتصادياً للدول الأكثر تقدماً ما خلق مشاكل هجرة وبطالة في الدول الأكثر نمواً كألمانيا أو بريطانيا، وتباين الأداء الاقتصادي بين الدول الأوربية عزز مشكلة اليورو بالضعف المستمر لدول اليورو ورفع نسب التضخم في بعض الدول، فنجد البطالة في إيطاليا وأسبانيا مثلا تتجاوز مستويات 20%، وهذا ما وضع الدول الأوربية في حالة من عدم التوازن في سعر صرف اليورو، من خلال ضعف الأداء الاقتصادي في الدول الأوربية، وحصلت ببريطانيا أن صوتت الخروج من أوروبا والآن إيطاليا ومن سيأتي بعدها؟ ستكون الاحتمالات مفتوحة لاشك بذلك، وهذا ما يضع الدول الأوروبية في حالة شكوك لقيمة وفائدة عملة موحدة.

لحد اليوم لم نجد دول اتحاد وضعت عملة موحدة، باعتبار أن اقتصاديات الدول لا تتشابه بالضرورة، ويصعب تجانسها وقد تضطر لأخذ قرارات منفردة قد تقلب المعادلة والتوازن الاقتصادي وفق احتياجها، يجب أن لا تكون معطيات الوحدة النقدية رغبة أو عاطفة أو غيرها ما لم تكن القواعد والأسس الاقتصادية متجانسة وصلبة ومتقاربة وحقيقية.

بقلم: راشد محمد الفوزان - الرياض