علاج أم حراج..؟



قالوا إن الطباخ الماهر والمقبول هو الذي يملك أكبر عدد من المفردات غير المعروفة ولا المتداولة في أية لغة من لغات عالمنا المعاصر. من يملك تلك الميزة فإنه يستطيع أن يُطلق اسما على كل وصفة اخترعها بنفسه، وجعل منها لفظا شهيا مُشهّيا. فجميع أسماء الأطعمة المعاصرة الغربية الآن هي من اختراع طباخين. ستيك، سكالوب، بيزا، بيف بيرغر، إلى آخر المسميات الكثيرة.

وأقول إن المستثمر في الرعاية الطبية في بلادنا عليه أن يحفظ مفردات الأوبئة والأمراض والأوجاع، والضعف والقوة. كل تلك من أجل إدراجها في لوحة كبيرة مُضيئة، أو عدد من اللوحات، لعرضها في مدخل وصالة المنشأة الطبية التي يملكها، ولا ينسى أن يؤكد أن مصحته خير من يملك تشخيصا دقيقا لكل علة.

الداخل إلى القاعة الرئيسة في المستشفيات أو المستوصفات الأهلية، ومجمعات تقديم الرعاية الصحية للأهالي، يجد أمامه لوحات بحجم كبير بولغ في تلوينها وزخرفتها بالحروف العريضة تقول للداخل إن لدينا العلاج والمختصين في أعراض وأمراض قد لا يكون المُراجع سمع بها من قبل. ولن تفهمها نسبة كبيرة من قومنا والبعض من ملاك تلك الدور صرف مبالغ في إيجاد مطويات من الورق الثمين، وتأكّد من تناسق الألوان الكثيرة فيها، ثم وضعها في تناول الزبائن مكان الانتظار.

من ملاحظتي وربما لاحظ غيري أن نسبة كبيرة من الناس عندنا وفي بلاد أخرى لا يفهمون هذا السرد الطويل من العلل، التي لا يتحدّث عنها إلا أهل المهن الطبية. تلك العروض والمطبوعات تجعل المرء يتحسس، أو يبحث عن العلة، وتراودهُ فكرة الحجز مع الطبيب المختص حتى لو غابت الحاجة وانعدمت الضرورة.

هذه أسماء علل وجدتها معروضة في أكثر من مصحة أهلية: مرض البيئة الكيتونية. مرض داء البول القيقبي. مرض نقص أنزيم آرجنين. مرض حموضة الدم. مرض نقص أنزيم بيتا. والكثير من العلل معروضة بخط واضح من تصميم مُحترف مفردات، تماما مثل الطباخ الذي يعرض فنّه.

فيما يخص الإعلان عن مهنة علاجية، الممارسة لا توجد إلا في بلادنا. وأدناه ما قرأتُ ضمن قوانين النقابات الطبية في عدد من البلدان.

يُحظر على الطبيب الإعلان عن نفسه أو القيام بدعاية مباشرة أو بالواسطة بشتى طرق النشر أو الدعاية أو بكتابته على اللوحات أو البطاقات أو الوصفات الطبية ألقابا أو اختصاصات لم ينلها بشكل قانوني، على انه يجوز له الإعلان مرة واحدة في الصحف لمدة لا تزيد على أسبوع عند بدء مزاولته للعمل أو عند انتقاله إلى مكان آخر أو عند حصوله على اختصاص جدد.

بقلم: عبدالعزيز المحمد الذكير - الرياض