اصنع سوقاً لا يوجد فيه غيرك

حـين ابتكرت شركة آبل أول هاتف (آيفون) لم تفاجئ العالم فقط بمنتج جديد وتقنية مختلفة، بـل وصنعت لنفسها سوقاً جديدة كانت فيه اللاعب الوحيد..

وهي مثال حي على أن الابتكار والتجديد من أهم أسباب بقاء وازدهار الشركات (بدليل آبل وسامسونج) في حين أن الثبات والركون للأفكار القديمة يعني التخلف والخروج من السوق (بدليل نوكيا وموتورولا)...

الابتكار لا يعني أنك ظهرت بسلعة جديدة فقط، بــل وأنك أيضاً خالفت منافسيك وخلقت لنفسك سوقا مختلفة.. فهناك علاقة طردية بين الابتكار والتميز ــ من جهة ــ وزيادة نسبة الأرباح والانتشار بين المستهلكين من جهة أخرى!

هذه الحقيقة أصبحت معروفة جيداً في علم التسويق (ويعاد اكتشافها بشكل سنوي) ولكن تبقى المشكلة في أن حمى التنافس وضعف ميزانية الأبحاث ــ لدى بعض الشركات ــ تجعلها تحاول التميز بشكل مخادع ــ يركّز على المظهر دون الجوهر، وعلى الشكل دون تطوير الأصل ذاته..

وهذه المعادلة تجعلنا نرى دعايات لمنتجات وأجهزة (لا نقول إنها جديده تماماً) ولكنها على أي حال مختلفة عن سابقاتها.. فخبراء التسويق أصبحوا يدركون مثلاً أن صنع "الصابونة" على شكل سلحفاة او تغيير أحد الأزارير من اليمين إلى اليسار؛ أقـل كلفة بكثير من ابتكار تركيبة كيميائية مختلفة للصابون أو تطوير أداء الجهاز الجديد!!

... إذاً؛ ابتكار منتج غير موجود أساساً أفضل في جميع النواحي من مجرد إجراء تغيير سطحي على منتج موجود أصلاً.. ولكن من جهة أخرى؛ ابتكار المنتجات الجديدة أكثر بطئاً وتكلفة من التقاط أي منتج قديم ثم اعادة تقديمه بشكل جديد ومميز!!

فـشركات الشاي كانت دائماً تعبئ منتجاتها في أكياس مربعة تتدلى من خيط رفيع؛ ولكن في زحمة الشركات المتنافسة فكرت شركة صغيرة تدعى تــتـلي بصنع اكياس الشاي بشكل دائري وبدون خيط فحققت اختراقاً كبيراً سيطرت فيه على 35% من سوق الشاي (رغم أنها لم تدع أن نكهة الشاي في الأكياس الدائرية تختلف عن المربعة).

أيضاً نحن نعرف ان سويسرا بلد مشهور بساعاته المعروفة بجودتها.. ولكن من الملاحظ ان تلك الساعات رصينة، وثقيلة، وغالية، وامكانياتها محدودة.. وفي عام 1983 وجد نيوكولا الحايك (لبناني الأصل) في هذه الصفات ثغرة استغلها في ابتكار ساعات شبابية؛ سريالية؛ رخيصة؛ تزخر بالألوان الفاقعة دعاها سـوتـش.. وعلى الفور كانت النتيجة أرباحاً خيالية لم تصل لربعها أي من الساعات العريقة!!

وبناء على كل ما سبق خذها نصيحة:
ان رأيت السوق يزدحم بالمنافسين.. اتركه.. واصنع لنفسك سوقاً جديداً من خلال التميز عنهم.. أخـرج عن المسار، وتميز بفكرة، وأصنع لنفسك (سوقاً) لا ينافسك فيها أحـد...

... وبالمناسبة؛

تخطىء حين تظن أنني كتبت هذا المقال للتجار والمستثمرين فقط كون هذه القاعدة تهم كل من يهتم بتطوير ذاتـه، والتميز عن غيره، والخروج بأفكار إبداعية مختلفة..

بقلم: فهد عامر الأحمدي - الرياض