الاستدامة في السعودية.. الآن أكثر من أي وقت مضى!

في وقت تشهد فيه المملكة العربية السعودية أحد أكبر التحديات الاقتصادية في تاريخها الحديث، أطلقت الحكومة رؤيتها 2030 وخطة التحول الوطني 2020 بهدف المساعدة في صياغة اقتصاد جديد أكثر تنوعا وقوة واستدامة. وكان الدافع الرئيسي لوضع هذه الرؤية هو هبوط أسعار النفط الذي يعتمد عليه الاقتصاد السعودي منذ ثمانية عقود، والذي وصل سعره إلى أعلى مستوياته عام 2008 عندما بلغ سعر البرميل 145 دولارا.

أما الآن وقد هبط السعر إلى نحو 28 دولارا للبرميل على مدى 52 أسبوعا، فإن على المملكة الإجابة على السؤال: "كيف يمكننا ضمان استدامة اقتصادنا بينما يعتمد أكثر من 90 بالمائة من مداخيلنا على مصدر غير مستقرة أسعاره/سعره في انخفاض؟"

إن التنمية المستدامة تعني بحد ذاتها تلبية احتياجات الحاضر دون المساس باحتياجات أجيال المستقبل. وفيما باشرت الحكومة السعودية اتخاذ إجراءات ملموسة وتحولية، فإن الكثيرين في القطاع الخاص ممن تعرضوا لذات المأزق، يسألون ذات السؤال: "كيف يمكن أن نحافظ على استدامتنا؟". الآن هو الوقت المناسب للإجابة على هذا السؤال ومعالجة الابعاد الرئيسة للاستدامة والتي تتضمن الجوانب الاجتماعية والبيئية إضافة إلى البعد الاقتصادي.

لم يعد ممكنا امام الشركات أن تلبي ببساطة احتياجات اليوم وتكتفي بأن تتمنى تحقيق الأفضل في المستقبل. إن اتباع نهج استباقي تجاه اساسيات الاستدامة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية يتطلب من الشركات اليوم التعامل مع قضايا رئيسة من بينها بناء قوى عاملة محلية تتمتع بالتنافسية، ومزودين محليين متمكنين، وممارسات بيئية مسؤولة، وحوكمة مؤسسية قوية، وحلول جديدة ومطورة لتحقيق التنمية الاجتماعية.

إن سؤال الاستدامة بالنسبة إلى الشركات ليس مسؤولية منفردة تقع على عاتق دائرة أو فريق، إنما هي مسؤولية المؤسسة بأكملها. واستمرارية الشركات في المملكة العربية السعودية تعتمد على نهج جماعي يبدأ من القائد وينتهي بجميع الدوائر. كما أن التعامل مع قوى عاملة تتمتع بالتنافسية يعني النظر في تطوير هذه القوى واحاطتها بالرعاية الصحية والأمان والفرص المتساوية.

أما تحقيق التنمية الاجتماعية فيتطلب استثمارات استراتيجية مجتمعية قابلة للقياس وذات أثر. بينما يعني تمكين المزودين المحليين خلق نظام مسؤول لإدارة سلسلة الامداد يوفر الدعم لهؤلاء المزودين. أما الحوكمة القوية فتعني الالتزام بأفضل الممارسات الإدارية، مثلما تعني التزاما راسخا بالتمسك بها. وأخيرا، الالتزام البيئي المسؤول يعني أن هناك سياسة واضحة يجب اتباعها تجاه استخدام وحماية الموارد، وأن هناك نهجا يستهدف إعادة الاستخدام والتخفيض والتدوير.

وكما أن الحكومة اتبعت نهجا إيجابيا في العام الحالي 2016 إزاء صياغة رؤية مستدامة لمستقبل الاقتصاد الوطني الذي يتضمن جمع الوزارات للعمل معا، فقد حان الوقت للشركات وقياداتها لأن تجمع فرقها ودوائرها نحو تنمية شاملة مستدامة تستهدف تأمين مستقبلها.

بقلم: عمرو باناجه – نائب الرئيس للتسويق والمسؤولية المجتمعية بمجموعة سدكو القابضة