الموظف بين البصمة والإنتاجية!

من الطبيعي أن يحتج موظفو أمانة المدينة المنورة على قرار الأمين، بإقرار نظام البصمة خمس مرات يومياً، للتأكد من وجود الموظف في مقر العمل، أي بمعدل كل ساعة ونصف على الموظف أن يذهب للآلة ويثبت حضوره، أو ربما سيتم تأمين آلة «تبصيم» خاصة لكل موظف، داخل مكتبه، كسبًا للوقت، وكي لا يهدر دقيقة واحدة بعيدًا عن العمل، وربما يحتاج الرقيب إلى آلة جديدة يتم تركيبها فوق رأس كل موظف لقراءة أفكاره، فقد يفكر بشيء خارج نطاق العمل، كالأسرة والأطفال مثلاً، عندها يجب الخصم منه لأنه سرق دقيقتين من ذهنه لصالح بيته الصغير!

ليس الأمر بهذا الشكل، ولا يتم انضباط الموظف بهذه الطريقة، فضلاً عن إنتاجيته وهي الأمر الأكثر أهمية، لأن هناك اختلاف بين الانضباط والإنتاجية، فقد يكون الموظف منضبطًا، جالساً على مكتبه طوال سبع أو ثماني ساعات، لكنه لا يختلف أبدًا عن «المزهرية»، أي لا يهش ولا ينش، فرغم انضباطه وجلوسه الطويل تكون إنتاجيته في اليوم محدودة للغاية، وهذا أمر لا فائدة منه، مجرد استهلاك طاقة كهربائية للمكتب، وربما إشغال الموظفين الآخرين المجتهدين عن إنجاز مهامهم!

أعتقد أن نظام الحوافز والعقوبات للموظف أكثر أهمية وجدوى لإنتاجيته من مراقبة حضوره وانصرافه، ففي علوم الإدارة وفنونها، تظهر أهمية التمييز بين الموظف المتميز، الموظف المنتج والمبادر، وبين الموظف المهمل والكسول، إما بتشجيع الموظف المتميز وتحفيزه، أو بمعاقبة الموظف المهمل، أو بهما معًا.

ولعل مشكلة الموظف الحكومي أن لا فرق بين موظف نشط وموظف خامل، إلا في فروق بسيطة قد لا تمثل شيئًا للبعض، ففكرة تباين نسبة العلاوة السنوية بين موظف وآخر نهاية العام، كلا حسب جهده وتقييمه السنوي، فكرة رائدة ومهمة يجب تطبيقها فعلاً، سواء على الموظف العام أو على المعلم، لكن يجب التثبت وتحري الدقة في تقييم الموظف بعيدًا عن المحسوبيات والمواقف الشخصية، وهناك الكثير من الأفكار التي تضمن العدالة في التمييز بين الموظفين الحكوميين لا يتسع المقال لذكرها.

بقلم: يوسف المحيميد - الجزيرة