كيف تستطيع أن تلتقي شخصا أساء إليك؟

إننا نعاقب أنفسنا عندما نمنعها من حضور مناسبة لأن شخصا يوما ما أساء إلينا أو يمثل لنا ذكرى سيئة سيكون موجودا فيها كأم زوجة انفصلنا عن ابنها أو ابن عم أساء إلينا أو صديق خاننا أو مدير ظلمنا. أعرف تماما هذا الشعور الذي نحتفظ به تجاه هذا الشخص داخل صدورنا. أعرفه جيدا وتجرعت مرارته كثيرا. لكن صدقوني نستطيع أن نتغلب على هذا الإحساس المزعج. لن أكذب عليكم وأقول إنه سيختفي من داخلنا. وإنما سيبقى مجرد ندب -أثر الجرح- وبوسعنا أن نجعله يذكرنا بأننا أقوياء وقادرون على الشفاء من أي آلام وربما تنتقل إليه إذا كان ظلمنا.

كنت قبل عدة سنوات أتحاشى أن ألتقي مدير التحرير الذي طردني من صحيفته لأنه يرى أنني لا أنفع أن أكون مراسلا صحافيا. أصبحت أسلك طريقا آخر إذا كان مشواري يجعلني أمر على المبنى الذي تلقيت فيه نبأ الاستغناء عني حتى لو كان الطريق الآخر يكلفني دقائق و"مطبات" أكثر. تذكرني مقابلته أو أي شيء له علاقة به بفشلي في هذه المهنة ويوجعني. لقد هز ثقتي بنفسي وحلمي. لكن بعد فترة وقفت مع نفسي وقفة جادة. قلت لها: "استيقظي، من هو حتى يهدم حلمي". فعملت على تطوير قدراتي وتابعت دراستي حتى حصلت على الدكتوراه في الإعلام وشققت طريقي في هذا المجال. ثم أصبحت أتحين الفرص لألتقيه. أحضر أي مناسبة أدعى إليها ولدي أمل ولو طفيفا أنني سأجده فيها. وعندما يكون موجودا ويهرب من مواجهتي أعمل كل ما في وسعي حتى يراني وأصافحه حتى لو بذل مجهودا كبيرا "لتطنيشي" أريد أن يرى في عيني الطموح والتفاؤل وأرى في عينيه الندم وتأنيب الضمير.

أستعيد هذا الموقف كلما خذلني أحدهم وأجبرني على عدم مقابلته فأقول لنفسي: "يا عبدالله، لا تدعه يهزمك. احضر ودعه يرى ابتسامتك تعلو ملامحك".

أنت أيضا تستطيع أن تفعل ذلك وأكثر إذا التقيت أي شخص بينك وبينه مشكلة، لكن لا تنس أن تذهب بصحبة ابتسامتك. سيكون حضورك أجمل عندما يرافقه بريق يثبت لهذا الشخص أنك لم تنكسر بعده بل أصبحت أكثر قوة وضوءا عبر نجاحات سيسمع عنها وسيراها ناصعة في وجهك. فلا تجعل أحدا يحجبك أو يوقفك عن طموحك وحلمك ورغبتك. لا أحد يقدر على إيقافك سواك.

إذا استطاعت تجربة أو كلمة أن تهزمك، فستصبح أسيرا لوحدتك. ستتضاعف آلامك ولا تود أن يراك أحد. لكنك إذا نهضت وتجاوزت حزنك فتود أن تعانق كل العالم ويرى الجميع ابتسامتك التي تسكبها من وجهك بسخاء. لا أحد، يستحق أن يجعلنا نغيب ونعتزل، لا أحد. خلقنا الرحمن يا صديقي لنظهر، ونضيء، وننتصر. فلا تدع أحدا يطفئ أحلامك. وتذكر أن الأشخاص السيئين دائما يجعلوننا أقوى وأفضل.

بقلم: عبد الله المغلوث - الاقتصادية