أوقفوا تلك الممارسات عند السفر

قيل إنه حبّا في التفاخر، ورغبة في الاختيال وحب الظهور أن يعمد البعض من قومنا بإرسال صور رحلتهم السياحية إلى أقاربهم أو أصدقائهم داخل الوطن. تلك الصور التي تضم جلسات المقاهي في عواصم السياحة، أو صور آنية الطعام المعروض على مائدة جلست حولها العائلة.

وكتبتْ واحدة تقول إن الشباب من عائلتهم حال وصولهم إلى الفندق، لم يأخذوا حتى قسطاً من الراحة بل ذهبوا إلى واحد من معالم تلك العاصمة وصاروا يرسلون الصورة تلو الأخرى إلى أصحابهم في الوطن، دون أن يطلبوا منهم ذلك. وربما أصدقاء تلك الأسر في الداخل، وكأنهم يقولون لهم: انظروا أين نحن، والأطراف الأخرى عاجزون عن تسديد متطلبات وضرورات حياتهم.

هذا الغرور له سلبيات كثيرة، لعل أقربها هو جعل قلب صديقك أو قريبك يلتهب بالغيرة والحسد، وهذا بطريقة أو أخرى قد يجعل النعمة التي تتمتع بها تزول نتيجة حسد (ومن شر حاسد إذا حسد – الفلق).

ومن المحاذير أنك أيها السائح المترف تُرسل صورا خاصة قد تقع في يد من يُسيء استعمالها. أو بأيدي لصوص يعرفون منها مكانك وعدد أفراد الأسرة، وماهي المراتع التي اعتدتم التردد عليها.

هذه عادة لم أسمع بها إلا عند قومنا. وأرادتْ واحدة في الوطن أن تصد صاحبتها عن التمادي فقالت لها بشكل رسالة: عليك بالعافية، لكن أنا الآن في زحمة مهرجان التمور! في بلدتنا، وأحب أركّز!.

إن العين والحسد سبب لتوقف النعمة التي نتمتع بها وهي كذلك دفن روح أو ذرف دموع، كل ذلك وأنتم تمرحون في بلد السياحة وتعلمون – ربما – مقدار الحاجة التي يقاسي منها الجائع الفقير. ومن حقك أن تستمتع بما وهبك الله من سعة في العيش، لكن دون إسراف وتفاخر وتكاثر في الأموال، وعرض سهولة الحصول على مالا يملكه جارك أو قريبك.

وكلنا نعلم أنه في السنين الأخيرة تنامى الازدياد في أعمال جريمة النصب، والاحتيال يسببه استمرار الضحايا الكثيرين بالمفاخرة والتباهي وأيضا السذاجة المترتبة على الخلل الكبير في القيم الثقافية، والتربوية، يسنده وجود نفوس شريرة لا يهنأ لها مقام، وهي ترى المال بأيدي هؤلاء الأثرياء، ولو كان من عرق جبينهم، وكدح أيديهم.

إرسال الصور إلى الغير ذكريات لا يجب أن يُهتم بها إلا في نطاق الأسرة، وأكثر الناس غير معنيين بما أكلت أو شربت أو مراتع سياحية وصلت إليها. ليت تلك الصور لشبابنا وشاباتنا وهم يلبسون مئزر (روب أو مريول) الممارسة كطبيب أو طبيبة، بعد أن تدرّب أو مارس علوماً سبقتنا أمم بها.

بقلم: عبدالعزيز المحمد الذكير - الرياض