الذوق السليم

يقولون: العقل السليم في الجسم السليم، فهل هذا صحيح على إطلاقه؟ في واقع الأمر لا بد أن نعيد النظر في كثير من الأقوال والعبارات، التي طال ما علقناها مكتوبة على لوحات في المدارس والطرقات أو صدر المجلس، منها تلك المقولة؛ لأنك ترى أجساماً سليمة ومعافاة حد الانفجار، لكن تصدر منها أفعال لا تشير إلى عقل سليم ولا ذوق سليم! والذوق له علاقة بالعقل، بل إن صحة الأخير وتوازنه هو ما يحدد أن هذا «الصادر عنه» ذوق سليم أم غير سليم؟ فإذا كان عقلاً سليماً أنتج ذوقاً سليماً تتفق عليه معظم العقول.

والذوق السليم لا يمكن أن يصدم حتى مع من لا يتوافق معه، قد لا يعجبك لكنك لا تراه نشازاً صادماً.

مكّنت وسائل التواصل الاجتماعي والإعلامي من إتاحة فرصة الفحص السريري النفسي لكثير من مستخدميها بمثابة منصات يعلنون فيها أنفسهم، مع اختلاف نوع «الإعلان»، أصبحت آلات التصوير في الهاتف الذكي بديلاً عن سرير في عيادة نفسية، فهي متاحة في كل وقت ومن دون ضغوط أو قيود، أو حتى أسئلة محددة، يستخدمها الفرد متى ما شاء وبالطريقة التي يراها مناسبة له. ومن نتائج ذلك أن وضعت العقول - بما يصدر عن أصحابها - على مائدة التشريح الاجتماعي وانكشف الذوق، دالاً على عقل سليم أم عقل يحتاج إلى إعادة «فرمتة».

إن البحث عن الشهرة حق لكل من يطمح إليها، لكن ليست هذه كل المسألة، فالطريقة والأسلوب في البحث عن هذه المسماة «الشهرة» شرط جوهري لتحديد نوعها، لأن الشهرة ليست مطلوبة لذاتها عند من له ذوق سليم. هذا الذوق تراه بصورة مباشرة أو غير مباشرة، فيما يطرح أو «يرمى» أحياناً في وسائل التواصل لتتناقله الأصابع وتبدأ التعليقات، كل ما يطرح للعموم في هذه الوسائل هو «تعامل» مع مشاهديها، تظهر رائحته ولونه فيما إذا كان يحترم المتلقين المستهدفين أم لا يرى سوى نفسه في هذا الكون الكبير، لا يرى فيه سوى مرآة تعكس صورته وحده وإن خاطب آخرين.

بقلم: عبدالعزيز السويد - الحياة